فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
د. جاد الله السيد محمود |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول Human T cell lymphotropic virus type I
يعد فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري الفيروس الأول المكتشف من الفيروسات القهقرية، ويرمز له بـ HTLV. وذلك من مريض مصاب بلمفوما خلايا تائية جلدية. ثم اكتشف لاحقاً نمطٌ ثانٍ منه في أفريقيا الوسطى والغربية.وكان ذو بنية وراثية مشابهة، ويتشارك معه تقريباً بـ 70% من التسلسل النكليوتيدي.
ينتشر هذ الفيروس في منطاق متعددة من العالم. لكن تهمل عادةً الإصابة به مراكز الرعاية الصحية وسلطات الصحة العامة، حيث أنَّه عادةً يكون لاعرضياً في بداية العدوى، ويتظاهر المرض لاحقاً في حياة المريض، أما الانتقال فيكون صامتاً، ويترافق مع:
- الاتصال الجنسي.
- الإرضاع.
- نقل الدم.
وأهم طريق للانتقال هو من الأم لابنها عن طريق الإرضاع، رغم أن كفاءة هذا الانتقال هي 20% فقط، وهي أقل من كفاءة الانتقال عن طريق الدم.
يمكن لهذا الفيروس أن يصيب أنواعاً متعددة من الخلايا؛ منها الخلايا التائية والخلايا البائية والخلايا البطانية، إلا أنَّ الخلايا الوحيدة الحساسة للتحول بفيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري هي اللمفاويات التائية على نحوٍ أساسي. حيث تمتلك مستقبلات على سطحها تتفاعل مع بروتينات الفيروس.
يسبب هذا الفيروس أمراضاً شديدة، تتضمن:
- لمفوما/لوكيميا الخلايا التائية عند البالغين (ATL).
- الداء العصبي المعطل (خزل سفلي تشنجي مداري/اعتلال النخاع المترافق مع الإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول [HAM/TSP]).
- التهاب العنبية.
- متلازمات روماتيزمية.
- التسبب بعداوى جرثومية وطفيلية.
لفيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول 6 نميطات (أنماط فرعية). تتدرج من A إلى F. مع عدم وجود اختلافات هامة بينها في الانتشار، إلا أنَّ النميط A هو الأكثر تسبيباً للعدوى.
تُقدر الإصابة العالمية بـ 20 مليون إنسان حول العالم بفيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول . 90% منهم يبقون لا عرضيين يحملون الفيروس.
بنية الفيروس
يعد فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول فيروساً مغلفاً يحتوي نسختين متطابقتين من رنا وحيد الطاق، وغلافاً خارجياً يحتوي بروتينات سكرية بارزة.
يعرف الفيروس بأنه فيروس قهقهري لكونه يمتلك رنا كمادة وراثية له، تقوم بالتوجيه لتشكيل جزئية دنا، والتي تعمل في النهاية كقالب لاصطناع الرنا المرسال الفيروسي. ولأنَّ أغلب الفيروسات القهقرية لا تقتل خلايا مضيفة، فيمكن للخلايا المصابة أن تتضاعف، منتجةً خلايا ابنة تحوي الدنا الطليعي للفيروس.
تحتوي بعض الفيروسات القهقرية عوامل مولدة للسرطان. ويعرف عن فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول بأنَّه يسبب الإصابة باللمفوما واللوكيميا، ويصيب أساساً خلايا معينة للجهاز المناعي تعرف بالخلايا التائية CD4+.
أما عن رنا الفيروس فهو رنا خطي مثنوي يتكون من 8,507 نكليوتيد، مع قلنسوة على موقع 5‘ وذيل عديد الأدينوزين على الموقع 3‘.
ومن الجينات التي يحملها الفيروس تحفز الانقسام وتثبط الاستماتة جين tax وعامل HTLV-1 bZIP.
الانتشار
هنالك ما يقارب 20 إلى 40 مليون إنسان مصاب بهذا الفيروس حول العالم.
للأسف ليس هنالك من لقاحات ضده، ولا فحص للدم تقوم به بنوك الدم لكشفه، مما يساعد على انتشاره. وينتشر في أفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية والمنطقة الكاريبية وآسيا وميلانيزيا.
وتعد اليابان أهم المناطق التي يتوطنها هذا الفيروس. وتختلف كثافة وجوده في المناطق، من مناطق لا يوجد فيها إطلاقاً، إلى مناطق ينتشر فيها بنسبة 37%.
وقد سجلت معدلات مرتفعة في بعض جزر الكاريبي. أما في جمايكا فنسبة الانتشار هي 5%. وفي أفريقيا تزداد من الشمال إلى الجنوب، فتختلف من 0.6% في المغرب إلى أكثر من 5% في عدد من دول الصحراء الأفريقية الكبرى، مثل الكاميرون وغينيا. أما في أوروبا وأمريكا الشمالية فالانتشار محدود على الجماعات التي هاجرت من مناطق يتوطن فيها الفيروس. وحتى في البلد الواحد يختلف انتشار الفيروس، ففي البرازيل الانتشار الأكبر في وسط البلد بمعدل 1.35، ويقل جداً في الشمال والجنوب (0.08%). أما في كولومبيا فيقدر الانتشار بـ 4.3% في المناطق ذات الدخل المنخفض، و0.73% في مناطق الدخل المرتفع.
اختبارات كشف الفيروس
عادةً ما تكون مقايسة مناعية مرتبطة بالأنزيم (EIA) أو مقايسات تراص جزيئي (PA).
تشمل المقايسات المناعية المرتبطة بالأنزيم النمط الأول والثاني من الفيروس، بينما مقايسات التراص الجزيئي فقط للنمط الأول. لذلك يجب أن تأخذ بالحسبان الطريقة المستخدمة نمط الفيروس القهقري المتوطن في المنطقة الجغرافية.
الاختبارات الأكثر شيوعاً استخدامها
- لطخة ويسترن (WB).
- مقايسة التألق المناعي IFA.
- مقايسة الترسيب المناعي الشعاعي RIPA.
قد تُعطي الاختبارات السابقة في بعض الأحيان نتيجة غير مؤكدة، ومن الأسباب لذلك فترة النافذة للفيروس ووجود تنوع فيروسي، وتفاعل غير نوعي لمستضدات الفيروس في مصل المريض.
يستخدم تفاعل البوليمراز المتسلسل لتوضيح النتائج غير الأكيدة، ولتأكيد النتيجة، وهو يكشف الدنا الطليعي للفيروس. كما يمكن استخدامه للتنميط الفرعي للفيروس.
الإمراضية المناعية
بعد الإصابة يقوم أنزيم النسخ العكسي في الفيروس بتوليد دنا طليعي للفيروس من رناه. وتندمج طليعة الفيروس الناتجة في جينوم المضيف من خلال أنزيم الإنتغراز الفيروسي (أنزيم الدمج الفيروسي). ثم تنتشر العدوى فقط بانقسام الخلايا بعدد ضئيل جداً. لذلك فتحديد كمية طلائع الفيروسات يعكس عدد الخلايا المصابة، ما يحدد الحِمل الطليعي للفيروس.
تقوم بعض جينات الفيروس، وخصوصاً الجين Tax بتنشيط انقسام الخلية المصابة، وتثبيط الاستماتة الذاتية؛ لكن يحفز ذلك رد فعلٍ مناعي عند المضيف، يشمل الخلايا التائية السامة للخلايا، لقتل الخلية المصابة.
عند الإصابة ب لمفوما/لوكيميا الخلايا التائية عند البالغين يقوم جين Tax بدور مركزي في تكاثر وتصاوغ الخلايا المصابة بالفيروس.
ومن الجينات الأخرى عامل HTLV-1 bZIP ويرمز له بـ HBZ. ويبدو أنه يقوم بدور أكثر أهمية في تحول الخلية وتوليد الكريات البيض مقارنة بجين Tax .
وبالاطلاع على نمط توزع السيتوكينات في المرضى المصابين بعدوى فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول تبين وجود نسبة كبيرة من عدلات عامل النخر الورمي ألفا الإيجابي. وزيادة في خلايا CD8+إنترفيرون غاما الإيجابي وخلايا CD8+ عامل النخر الورمي ألفا الإيجابي.
الأمراض التي تسببها الإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
لمفوما/لوكيميا الخلايا التائية عند البالغين (ATL)
هي خباثة لمفاوية متقدمة للخلايا التائية المحيطة. نسبة النجاة من الشكل الحاد منها أقل من 5%. وصفت لأول مرة في اليابان. ثم وجدت في أمريكا وأوروبا.
تكون أكثر شيوعاً عند البالغين 20 إلى 30 سنة، وتصيب الرجال أكثر من النساء. لكن الأفراد المصابين في الطفولة بفيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول هم ذوو الخطر الأعلى في تطوير هذه الخباثة.
لهذا المرض نميطات فرعية. وتتضمن المعايير التشخيصية كشف الأضداد ضد فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول في الدم المحيطي، مع وجود ارتفاع في كالسيوم الدم. كما قد توجد آفات جلدية مع ارتفاع في عدد الكريات البيضاء وخلايا CD25+.
في حال عدم إمكانية التشخيص بالدم المحيطي أو بالآفات تُجرى خزعة للآفات المشكوك بها.
وتتضمن العقد اللمفية والجلد والكبد والطحال والرئتين والسبيل الهضمي ونقي العظام والجهاز العصبي المركزي.
خزل سفلي تشنجي مداري/اعتلال النخاع المترافق مع الإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
هو مرض التهابي مزمن للجهاز العصبي المركزي، يتسم بالتهاب سحايا ونخاع مزمن للمادة البيضاء والرمادية للحبل الشوكي. يحصل فيه تنكس المحوار وزوال الميالين في الأعصاب المحيطة بالأوعية.
يتطور عند المرضى خزل سفلي تشنجي متقدم بدون حصول هدآت، مع الإصابة باختلال كبير في المشي، وخلل مستقل في وظيفة المثانة والأمعاء، ما يؤدي لتدهور قدراتها وسوء جودة حياة المريض.
يصيب النساء أكثر من الرجال، ويبدأ في سن البلوغ، بمتوسط عمر 40 سنة.
التهاب العنيبة المترافق مع الإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
تتضمن الاعتبارات العينية المترافقة مع هذه الإصابة:
- التهاب الأوعية.
- نضح أو تنكس الشبكية المحيطية.
- التهاب القرنية والملتحمة الجاف.
يصيب التهاب العنبية أكثر ما يصيب البالغين من كلا الجنسين في متوسط العمر.
الحالات الجلدية المترافقة مع الإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
تتضمن:
- التهاب الجلد المعدي.
- الجرب المجلب.
- أكزيما جلدية. التهاب جلد مثي.
وتنقسم الشذوذات الجلدية المتعلقة بالإصابة بفيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول عموماً إلى:
- حادة.
- مزمنة.
- حارقة.
- لمفاوية.
شذوذات أخرى مرتبطة بالإصابة ب فيروس الخلايا اللمفاوية التائية البشري من النمط الأول
- عداوى انتهازية.
- الروماتيزم.
- إصابات مناعية ذاتية.
- التهاب عضلات.
- اعتلال عصبي.
- اضطرابات نفسية.