إشريكية قولونية O157:H7
د. جاد الله السيد محمود |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
الإشريكية القولونية O157:H7
الإشريكية القولونية هي جراثيم سلبية الغرام لا هوائية مخيرة عصوية الشكل، تكون غير ممرضة عادةً. وهي جزء من الفلورا الطبيعية في القولون عند البشر وعند بعض الحيوانات. تصنف الإشريكية القولونية الممرضة لـ5 أصناف:
- الإشريكية القولونية المنتجة للذيفان المعوي (ETEC)
- الإشريكية القولونية الممرضة للأمعاء (EPEC)
- الإشريكية القولونية المسببة للنزف المعوي (EHEC)
- الإشريكية القولونية الغازية للأمعاء (EIEC)
- الإشريكية القولونية المكدسة في الأمعاء (EAEC)
وتعد الإشريكية القولونية المسببة للنزف المعوي O157:H7 عاملاً ممرضاً أساسياً تسبب مرضاً شديداً عند البشر في أنحاء العالم. تنتج هذه الجراثيم الذيفانات الشبيهة بالشيغيلة.
وترتبط هذه السلالة بالإصابة بفشل كلوي حاد مهدد للحياة (متلازمة انحلال الدم اليوريمية HUS).
يرمز الحرف O للمستضدات الجسمية، أو مستضدات الجدار الخلوي؛ والتي توجد على القسم السكري من عديد السكريد الشحمي. هذه المستضدات ثابتة للحرارة ويمكن أن تكون مشتركة بين أجناس الإمعائيات. ومن الشائع استخدام المستضدات O في التنميط المصلي لكثير من العصيات المعوية سلبية الغرام.
أما الحرف H، فيرمز لمستضدات لها علاقة بالسياط، ولذلك فقط الإمعائيات المتحركة (ذات السياط) مثل الإشريكية القولونية لديها هذه المستضدات.
تقوم الماشية السليمة بدور حامل لهذه الجراثيم، لذا تعد المنتجات الغذائية الناتجة منها والمنتجات الملوثة بفضلاتها المصادر الأكثر شيوعاً لانتشار المرض.
تمتلك هذه الجراثيم 3 عوامل فوعة أساسية اكتشفت حتى الآن بما فيها ذيفانات الشيغيلة، ومنتجات الجزر الممرضة والتي تدعى موقع إمحاء الخلايا المعوية ومنتجات البلاسميد F-like pO157.
الوبائيات
أول ما عرفت الزمرة المصلية O157:H7 عام 1982 كعامل ممرض للبشر ترافقت مع انتشار إسهال دموي في الأورغواي والميشيغان. ويقدر مركز مكافحة الأمراض وجود 73,000 حالة مرضية و2,200 دخول للمستشفى و60 وفاة سنوياً بهذه الجرثومة في الولايات المتحدة.
الجينوم
الحجم الصبغي للإشريكية القولونية O157:H7 هو 5.5 مليون أساس. يتضمن هذا الجينوم 4.1 مليون أساس كتسلسل أساسي موجود عند جميع سلالات الإشريكية القولونية. والباقي نوعي لهذه الزمرة المصلية. غالبية تسلسل الدنا الخاص بهذه الزمرة المصلية (1.4 مليون أساس) هو دنا غريب منقول أفقياً، مثل عناصر طليعة العاثية. حيث تحوي هذه الزمرة المصرية على 463 جين عاثوي، مقارنة مع 29 جين فقط عند جراثيم الإشريكية القولونية K-12.
انتقال العدوى
يعد الطريق الأشيع للعدوى بهذه السلالة هو تناول الطعام أو الماء الملوث. لكن يمكن أن ينتقل مباشرةً من شخصٍ لآخر، خصوصاً في مؤسسات رعاية الأطفال، ومن الحيوان للإنسان. فقد سجلت حالات لإصابة أشخاص بعد زيارتهم لحدائق حيوانات، ولمزارع ولأراضٍ كانت ترعى فيها ماشية قبل أن يأتوا.
ومؤخراً سجلت إمكانية الانتقال بالهواء في أبنية ملوثة تحوي حيوانات. وقد صنف مركز مكافحة الأمراض تقارير انتشار المرض من عام 1982 حتى 2002 كالتالي:
- عن طريق الطعام 52%.
- غير معروف 21%.
- من شخص لآخر 14%.
- محمول بالماء 9%.
- التماس مع الحيوانات 3%.
الإمراضية
تعد هذه الجراثيم عوامل ممرضة معوياً، ورغم أنَّ عدد الإصابات بها أقل من تلك للسالمونيلا ولجراثيم العطيفة Campylobacter إلا أنَّها ذات إمراضية أشد وتسبب نسبة وفيات أعلى.
تظهر الإصابة بها على شكل تظاهرات متنوعة تختلف بين حالة لأخرى، تتراوح من حالات لا عرضية إلى حالات تنتهي بالموت.
تبدأ معظم الحالات بإسهال لادموي يشفى تلقائياً دون مضاعفات؛ لكن بعض المرضى يتطور لديهم الأمر لإسهال دموي أو التهاب قولون نزفي خلال 1-3 أيام. وفي 5-10% من حالات التهاب القولون النزفي يمكن أن يسب بالمرض عقابيل مهددة للحياة أو متلازمة انحلال الدم اليوريمية (HUS) أو فرفرية نقص الصفيحات (TTP). وتعد هذه الجراثيم السبب الأشيع للإصابة بمتلازمة انحلال الدم اليوريمية في الولايات المتحدة؛ والأطفال والكبار في السن يزيد عندهم خطر الإصابة.
المقاومة الحمضية
تعد المقاومة الحمضية هي قدرة الجراثيم على حماية نفسها من الحموضة المنخفضة جداً (باهاء أقل من 3). حيث يعد الباهاء المنخفض في المعدة (1.5-3) خط الدفاع الأول للمضيف ضد العوامل الممرضة المعوية. لذلك تزيد القدرة على النجاة في البيئة الحمضية للمعدة من فرصة الجراثيم على استعمار الأمعاء والتسبب بعدوى. وتترافق مقاومة الحمض مع انخفاض بالجرعة المعدية من العوامل الممرضة المعوية. وانخفاض الجرعة المعدية هي إحدى السمات الأشهر لجراثيم الإشريكية القولونية O157:H7، ما يجعلها معدية بشدة.
وقد حددت 3 أنظمة فعالة لمقاومة الحمض:
- يتطلب نظام مقاومة الحمض الأول عامل سيغما RpoS بديل، وكبت للغلوكوز.
- يتطلب نظام مقاومة الحمض الثاني إضافة الأرجينين أثناء التعرض للظروف الحمضية.
- يتطلب نظام مقاومة الحمض الثالث الغلوتامات للحماية في البيئات ذات الباهاء المنخفض.
تمتلك الإشريكية القولونية O157:H7 الأنظمة الثلاث متداخلة.
وغير تلك الأنظمة تدخل كثير من البروتينات في مقاومة الحموضة عند هذه الجراثيم. تتضمن هذه البروتينات الشابيرون HdeA والبروتين SspA المرتبط ببوليميراز الرنا وبروتين Dps الرابط لبروتينات الدنا.
عوامل الفوعة الأساسية
يعد إنتاج ذيفانات الشيغيلة أساسياً في فوعة جراثيم الإشريكية القولونية O157:H7 لكنه ليس المسؤول الوحيد عن المرض.
ذيفانات الشيغيلة (Stxs)
تسبب هذه الذيفانات ضرراً في عدد متنوع من أنماط الخلايا. يمكن تقسيم هذه الذيفانات إلى مجموعتين، يرمز لهما بـ Stx1 وStx2 ومع ذلك لا تولدان أضداداً متداخلة فيما بينهما، حيث تسلسل حمضوهما الأمينية مشترك بنسبة 56%. وقد عزلت سلالات من جراثيم الإشريكية القولونية O157:H7 تنتج ذيفانات إحدى المجموعتين وجراثيم تنتج كليهما.
- Stx1: مطابق لذلك الذي تنتجه الشيغيلا الزحارية 1 باختلاف حمض أميني واحد.
- Stx2: يعرف بكونه أشد سمية، ويترافق إنتاجه أكثر مع الإصابة بالتهاب القولون النزفي أو متلازمة انحلال الدم اليوريمية مقارنة بالذيفانات من المجموعة الأولى.
لذيفانات الشيغيلة بنية محافظة تتكون من تحت وحدة A فعالة أنزيمياً، وخمس تحت وحدات B رابطة للمستقبلات. فبعد ارتباط الوحدة B بمستقبلات الخلية تدخل تحت الوحدة A للسيتوبلاسما. وتثبط هنالك اصطناع البروتينات بإزالة نوعية لثمالة أدنين من الرنا الريبوزومي 28S لتحت الروحدة الريبوزومية 60S.
موقع إمحاء الخلايا المعوية LEE
تستعمر جراثيم الإشريكية القولونية O157:H7 المخاطية المعوية وتحفز تشكل آفة مرضية نسيجياً يشار لها بآفات الالتصاق والمحو. حيث تتسم هذه الآفات بمحو الزغيبات وبالالتصاق الجرثومي على غشاء الخلايا الظهارية.
تحفز الجراثيم الملتصقة تراكم بلمرة الأكتين في خلايا المضيف، ما يؤدي إلى زيادة ركائز الالتصاق.
البلاسميد O157 (pO157)
وهو بلاسميد (دنا إضافي قادر على التضاعف بمعزل عن الدنا الصبغي الأساسي) بحجم يتراوح بين 92 حتى 104 ألف أساس. ويتضمن عناصر جينية مختلفة، مثل تسلسلات النقل والعاثيات والإدخال وأجزاءً من بلاسميدات أخرى.
يحوي البلاسميد O157 جينات ترمز لـ:
- الهيموليزين (ehx)
وهو أول عوامل فوعة البلاسميد O157. له جينات بحجم 3.4 ألف أساس لصناعته ونقله، وقد استخدمت كمسبار تشخيصي لجراثيم الإشريكية القولونية O157:H7 ولبعض جراثيم الإشريكية القولونية المسببة للنزف المعوي.
- الكتالاز بيروكسيداز (katP)
هو جين لفعالية الكاتالاز بيروكسيداز، وقد حدد في البلاسميد O157. حجم هذا الجين 2.2 ألف أساس.
- نظام الإفراز الثاني (T2SS)
- بروتياز السيرين (espP)
يشابه كثيراً بروتينات الارتباط السطحية أو المفرزة. وقد ذكر أنه يؤثر على الاستعمار المعوي عند الثيران، والالتصاق بالخلايا الظهارية المعوية الأساسية عند البقر. كما أنَّ تدمير عامل التخثر الخامس البشري عن طريق هذا البروتياز قد يساعد في النزف المخاطي الملاحظ عند مرضى التهاب القولون النزفي.
- Metalloprotease (stcE)
ويشطر هذا الأنزيم مثبط الإستراز C1. حيث أنَّ مثبط الإستراز C1 يعد منظماً لشلالات حل البروتينات المتعددة المتعلقة بسبل الالتهاب، مثل جملة الملتممة التقليدية والتخثر الداخلي.
- الالتصاق المشهور (toxB)
يتداخل بعملية التصاق جراثيم الإشريكية القولونية O157:H7 مع خلايا Caco-2 عبر الإفراز المتزايد للنمط الثالث من نظام الإفراز.
بلاسميدات شبيهة بالبلاسميد O157
وهي بلاسميدات ضخمة تشبه البلاسميد O157 وجدت في معظم جراثيم الإشريكية القولونية المسببة للنزف المعوي التي لا تحوي بلاسميد O157، ويتراوح حجمها من 70 حتى 200 ألف أساس. تحمل هذه البلاسميدات عادةً جينات الهيموليزين أوبيرون، لكن جينات نظام الإفراز من النمط الثاني وبيروكسيداز الكاتالاز وبروتياز السيرين وجدت في أقل من 50% من تلك البلاسميدات.
المصدر
Richard A. Harvey, Lippincott’s Illustrated Reviews microbiology, third edition, Wolters Kluwer, P.P. 111-15.