داء بهجت
يُعدّ داء بهجت أو متلازمة بهجت خللاً نادر الحدوث، وهو يسبب التهاباً مزمناً في الأوعية الدّمويّة في الجّسم، مما يؤدّي بدوره إلى أعراضٍ متنوّعة قد تبدو في البداية غير مرتبطة.
تختلف أعراض داء بهجت من شخصٍ لآخر، كما يمكن أن تظهر وتختفي من تلقاء ذاتها. وتتمثّل بعض هذه الأعراض في طفح وآفات جلدية وقروح في المناطق التّناسليّة وقروح الفم.
يكمن الهدف الأساسي من علاج هذا الدّاء في تخفيف أعراض داء بهجت وتجنّب حصول مضاعفاتٍ خطيرةٍ كالعمى.
الأعراض
تختلف أعراض داء بهجت من شخصٍ لآخر، كما يمكن أن تظهر وتختفي من تلقاء ذاتها. تحدّد المناطق المصابة بالتهاب داء بهجت الأعراض التي يصاب بها المريض. وفي ما يلي بعض المناطق الأكثر عُرضةً للإصابة بداء بهجت:
تصيب آفّات الجّلد الأشخاص المصابين بداء بهجت. وقد تتنوّع المشاكلٌ الجلديّةٌ، فبينما يصاب البعض بعُقدٍ مُمِضة ومرتفعة وحمراء على الجّلد - خاصة على الساقين - يُصاب آخرون بقروحٍ كحبّ الشّباب على أجسادهم.
يمكن أن يسبّب هذا الدّاء التهاب القزحيّة, وهو التهابٌ يصيب العين. وعندما يحدث التهاب القزحيّة للأشخاص المصابين بداء بهجت؛ فإنّه يسبّب ألماً، واحمراراً، ورؤيةً غير واضحة إما في عينٍ واحدة أو في كلٍ منهما، ويمكن أن تظهر هذه الأعراض وتختفي أيضاً. بالإضافة إلى الالتهاب الذي يصيب الأوعية الدّمويّة في شبكية العين، وهو أحد المضاعفات الخطيرة لهذا المرض.
- الفم:
تعدّ قروح الفم المؤلمة التي تماثل قروح الفم العاديّة أكثر أعراض داء بهجت شيوعاً. وعلى الرّغم من أنّ هذه القروح تبدأ كآفاتٍ مرتفعة مستديرة في الفم؛ إلا أنّها تتحوّل بسرعةٍ إلى تقرّحاتٍ مؤلمة، وهي تُشفى عادةً في غضون أسبوعٍ إلى ثلاثة أسابيع، لكنّها يمكن أن تعاود الظّهور.
- الأعضاء التّناسليّة:
يمكن أن تظهر القروح على الأعضاء التّناسليّة لبعض المصابين بداء بهجت, وتبدو هذه القروح كآفاتٍ حمراء مستديرة ومتقرّحة على الصّفن أو الفرج، ويمكن أن تترك ندبات بالإضافة إلى كونها مؤلمة.
- الجّهاز الهضمي:
عند تأثير داء بهجت على الجّهاز الهضمي؛ يعاني المريض من عدّة أعراض تتضمّن آلام البطن، والإسهال، والنّزف... إلخ.
- المفاصل:
تُعدّ الرّكبة أحد أكثر المناطق تأثّراً عند الإصابة بداء بهجت، حيث يمكن أن يحدث انتفاخٌ وألمٌ في المفصل، وقد تستمرّ الأعراض لمدّة أسبوعٍ أو ثلاثة أسابيع لتختفي بعد ذلك من تلقاء ذاتها. يمكن أن يُصاب المعصم، والمِرفق، والكاحل في بعض الأحيان أيضاً.
- الدّماغ:
بعض الأعراض التي تظهر عند التهاب الدّماغ والجّهاز العصبي بسبب داء بهجت تتلخّص في: الصّداع، والتّرفّع الحروري، واختلال التّوازن، والتّوهان أو السّكتة... إلخ.
- الجّهاز الوعائي:
يمكن أن يحدث التهابٌ في الشّرايين الكبيرة والأوردة عند الإصابة بداء بهجت، كما يمكن أن يسبّب ظهور خثرةٍ دمويّة الاحمرار والألم والانتفاخ. ويُعتقد أنّ التهاب الأوعية الدّمويّة هو السّبب في ظهور عدّة أعراضٍ من هذا الدّاء، والتي يمكن أن تظهر وتختفي، أو تنتقل من طرفٍ إلى آخر. وتتمثّل بعض المضاعفات التي قد يسبّبها التهاب الشّرايين الكبيرة في تضيّق الأوعية الدّمويّة، أو انسدادها, والإصابة بأُمِّ الدَّم.
يجب على المرء زيارة الطّبيب عند ملاحظة أيٍّ من الأعراض التي يمكن أن تشير إلى الإصابة بداء بهجت، كما يجب استشارة الطّبيب عند ملاحظة أعراضٍ جديدة بعد تشخيص الإصابة بالمرض.
الأسباب
يُعتقد بأنّ داء بهجت هو من الأمراض المناعيّة الذّاتيّة، وفيها يقوم نظام الدّفاع في الجّسم – والذي يتمثّل بالجّهاز المناعي – بمهاجمة ذاته, حيث يهاجم الخلايا السّليمة في الجّسم بدلاً من مهاجمة الأجسام الغريبة كالفيروسات والبكتيريا.
يمكن أن تكون مجموعةٌ من العوامل البيئيّة والوراثيّة السّبب في الإصابة بداء بهجت، إلا أنّ المسّبب الحقيقي لهذا المرض يبقى مجهولاً. يعتقد بعض الباحثين أنّ فيروساً أو جرثومةً يمكن أن تثير هذا المرض في النّاس ذوي خلفيّةٍ جينيّةٍ معيّنة, وهنالك بعض الأشياء الأُخرى التي يمكن أن تُطلق الجّهاز المناعي كالمواد الكيميائيّة أو المعادن الثّقيلة.
المضاعفات
يظهر داء بهجت ويختفي عادةً بدوراتٍ لا يمكن التّنبّؤ بها, ويمكن أن تصبح أعراض المرض أقل حدّةً بعد 20 عاماّ من الإصابة به.
يسيطر العلاج على أعراض المرض في معظم الحالات، ويسهم في الحدّ من خطر المضاعفات، إلا أنّه لا يشفي المرض ذاته. يجب على مرضى داء بهجت الذين يعانون من أعراض عينية أن يزوروا طبيب العيون لتتم مراقبتهم بعناية، لأن عدم معالجة التهاب القزحيّة يمكن أن يؤدّي إلى العمى. وتعتمد بعض المضاعفات الأُخرى للمرض على الأعراض المعيّنة التي يعاني منها المريض.
العلاج
يمكن للمريض أن يتناول أدويةً للسّيطرة على نوبات الألم والالتهاب المؤقّتة عند وجود أعراضٍ معتدلة لداء بهجت، إلا أنّه قد لا يحتاج إلى تناول الأدوية بين النّوبات. أمّا في حالة ظهور الأعراض الشّديدة؛ فيُنصح المريض بتناول أدويةٍ جهازيّة للسّيطرة عليها، بالإضافة إلى الأدوية التي يتناولها من أجل النّوبات المؤقّتة.
يظهر داء بهجت ويختفي عادةً من تلقاء ذاته على هيئة نوبات، ويحاول الطّبيب السّيطرة على الأعراض التي تظهر أثناء النّوبات باستعمال الأدوية التّالية:
- غسولات الفم:
يمكن استخدام غسولاتٍ خاصّة للفم تحتوي على الستيروئيدات القشريّة أو مواد أُخرى لتخفيف الألم النّاجم عن قروح الفم، والذي يخفّف بدوره من عدم الراحة التي يشعر بها المريض.
- كريمات البشرة والمواد الهلاميّة والمراهم:
تحتوي هذه الأدوية عادةً على عقارات الستيروئيدات القشريّة والتي تخفّف الالتهاب أو مواد مهدّئة لتخفيف الألم، وتُستعمل بوضعها مباشرةً على قروح الجّلد والمناطق التّناسليّة.
- القطرات العينيّة:
يمكن تخفيف الألم والاحمرار إذا كان الالتهاب طفيفا باستخدام قطرات العين التي تحتوي على الستيروئيدات القشريّة أو مضادّات الالتهاب الأُخرى.
تتطلّب الحالات الشّديدة من داء بهجت علاجاتٍ خاصّة من أجل السّيطرة على المرض بين النّوبات. وفي ما يلي بعض العلاجات التي توصف عند الإصابة بالحالات المعتدلة الشدّة إلى الشّديدة من داء بهجت:
- دواء لتنظيم الجّهاز المناعي:
يقوم دواءٌ يُدعى interferon alfa (intron A) بتنظيم نشاط الجّهاز المناعي للسّيطرة على الالتهاب، كما يمكن لهذا الدّواء المساعدة في السّيطرة على التهاب العين، وآلام المفاصل، وقروح الجّلد التي يعاني منها المصابون بداء بهجت. ويمكن الجّمع بين هذا الدّواء وأدويةٍ أُخرى. إلا أنّ له بعض الآثار الجّانبيّة التي تشبه الانفلونزا وهي تتمثّل في الإعياء والآلام العضليّة. وقد أظهرت بعض الدّراسات مؤخّراً أنّ بإمكان أدويةً مثل etanercept و inflizimab - والتي تثبّط TNF (عامل نخر الورم) - أن تكون فعّالةً في علاج بعض أعراض داء بهجت.
- الستيروئيدات القشريّة للسّيطرة على الالتهاب:
يمكن للستيروئيدات القشرية مثل prednisone تخفيف الالتهاب بمشاركتها مع أدويةٍ أُخرى. يمكن أن تظهر أعراض داء بهجت مرّةً أُخرى عند تناول الستيروئيدات القشريّة لوحدها، ولذلك فهذه الأدوية توصف مع أدويةٍ أُخرى لكبت نشاط جهاز المناعة (الأدوية الكابتة للمناعة). وتتمثّل بعض الآثار الجّانبيّة للستيروئيدات القشرية في ارتفاع ضغط الدّم وحرقة مستمرّة في المعدة، وترقّق في العظام (هشاشة العظام) وزيادة الوزن.
- الأدوية الكابتة لجهاز المناعة:
تقوم الأدوية الكابتة للمناعة بكبت الجّهاز المناعي الذي يبالغ في نشاطه عند الإصابة بداء بهجت. وتخفّف هذه الأدوية من الالتهاب الذي يسبّبه جهاز المناعة عن طريق منع جهاز المناعة من مهاجمة الأنسجة الطّبيعيّة والسّليمة في الجّسم. وتتضمّن بعض الأدوية الكابتة للمناعة التي يمكن أن تلعب دوراً في السّيطرة على داء بهجت: cyclosporine و cyclophosphamide و azathioprine. يمكن لهذه الأدوية أن تزيد من خطر الإصابة بالإنتانات لأنّها تقمع عمل الجّهاز المناعي، كما تتمثّل بعض الآثار الجّانبيّة لهذه الأدوية في ارتفاع ضغط الدّم وانخفاض تعداد الدم ومشاكل في الكلى والكبد.
تضم بعض الأدوية الأُخرى التي تُستخدم في علاج داء بهجت (colchicines وmethotrexate).
الإنذار=
غير متوفّر