تضيق قناة سيفلوس
د. بشير الجمال |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
تضيق قناة سيفلوس Aqueductal stenosis
هو عبارة عن تضيق في المسال الدماغي (قناة سيفلوس) تسبب إعاقة مرور السائل الدماغي الشوكي CSF بين البطينات. إن إعاقة مرور السائل الدماغي الشوكي تتسبب في حدوث استسقاء دماغي.
قناة سيفلوس هي القناة الواصلة بين البطين الثالث و البطين الرابع وتعتبر المكان الأضيق في طريق عبور السائل الدماغي الشوكي بمساحة مقطعية تقدر ب (0.5متر مربع عند الأطفال و 0.8 متر مربع عند البالغين)، وبسبب صغر حجمها تعبر قناة سيفلوس المكان الأشيع لحدوث انسدادات في الجهاز البطيني في الدماغ. إن الانسداد في القناة يسبب زيادة في حجم البطينات وذلك بسبب أن الCSF غير قادر على الخروج من البطينات و بالتالي لا يتم تصريفه بشكل جيد، و زيادة حجم البطينات قد تتسبب في زيادة الضغط ضمن البطينات و بالتالي زيادة الضغط في قشر الدماغ بسبب دفعه باتجاه الجمجمة. إن تضيق قناة سيفلوس قد يكون لا عرضيا فقد يشاهد مريض مصاب بتضيق لسنوات عديدة ولا يشكو من أية أعراض وبمجرد إصابته (بصدمة على راسه أو نزف دماغي أو التهاب سحايا ودماغ) قد تتظاهر الأعراض فجأة.
الأعراض والعلامات
العديد من الأعراض والعلامات ل تضيق قناة سيفلوس تشابه تلك المشاهدة في استسقاء الدماغ ومن هذه الأعراض:
- صداع
- غثيان وإقياء
- اضطراب القدرات المعرفية
- نعاس واضراب المشي والتوازن
- اختلاجات
- اضرابات رؤيا
- سلس بول
قد يكون الصداع نتيجة ارتفاع الضغط داخل القحف (الناتج عن سوء تصريف الCSF) وقد يكون يأتي هذا الصداع بشكل مفاجئ ويسمى "بصداع قصفة الرعد". عند الأطفال يكون اضطراب القدرات المعرفية وتأخر التطور الروحي الحركي متفاوتا بالشدة. كما قد يلاحظ تراجع في درجة الوعي مع الوقت، الأمر الذي قد يؤدي إلى الدخول في غيبوبة أو الموت. اضرابات الرؤيا تتظاهر على شكل "شلل التحديق للأعلى" وبالتالي عدم القدرة على النظر للأعلى. كما قد تم وصف حدوث رجفة كأحد أعراض تضيق قناة سيفلوس ولكنها ليست من الأعراض الشائعة.
العلامات المشاهدة في تضيق قناة سيفلوس بالإضافة للعلامات الخاصة بالسبب المسبب لهذا التضيق تتضمن زيادة في حجم البطينات الجانبية و البطين الثالث و نقص في حجم البطين الرابع، ومن العلامات الأخرى المشاهدة هي انضغاط الدماغ المتوسط وذلك بسبب الضغط المحدث من السائل الدماغي الشوكي المتراكم.
الأسباب
- انضغاطات بالأورام:
وفي هذه الحالات يكون الورم الدماغي متوضع في منطقة الدماغ المتوسط وبشكل أدق في منطقة الغدة الصنوبرية التي تتوضع بالقسم الخلفي من الدماغ المتوسط وبنفس مستوى قناة سيفلوس، ومع نمو الورم وتوسعه يسبب تضيق القناة تدريجيا إلى حد انغلاقها كليا.
- تضيق القناة الخلقي:
وهذا التضيق الخلقي يجعلها تعرضها للانسداد أكثر سهولة، علما أن القناة الضيقة الخلقية لا تملك أي صفات نسيجية غير طبيعية وتكون البطينات مبطنة بخلايا ظهارية طبيعية، وقد تنتج هذه القناة الضيقة الخلقية من مشاكل في التطور داخل الرحم مثل اخطاء في انطواء الصفيحة العصبية ( Folding of the neural plate) ، الأمر الذي يسبب تضيق منذ الولادة.
- تفرع قناة سيفلوس:
يعني التفرع أن القناة انقسمت إلى أكثر من فرع، وهي نتيجة للالتحام غير التام في الخط الناصف، وهذا الأقنية المتفرعة قد تعود و تتحد معا لتشكل قناة واحدة، وقد تبقى منقسمة لتشكل كل منها نهاية مسدودة، وفي كلا الحالتين سيضطرب مرور السائل الدماغي الشوكي عبر الجهاز البطيني الدماغي.
- تشكل حاجز في قناة سيفلوس:
تشكل الحاجز يحدث نتيجة فرط الخلايا الدبقية، ما يحدث هو أن غشاء من الخلايا الدبقية يتشكل عبر القناة، وهذا الغشاء الشاذ يتشكل بشكل رئيسي في القسم البعيد و السفلي من قناة سيفلوس ويقوم بسد القناة بشكل كامل وبالتالي تجمع السائل في البطينات بالأعلى.
- متلازمة استسقاء الدماغ الوراثي المرتبط بالصبغيX :
تسمى أيضا "متلازمة بريكر- أدم – إدوارد" وهي مرض وراثي يسبب تضيق قناة سيفلوس، ينتقل المرض من الأم لأولادها الذكور، وهذا المرض تحدثه طفرة نقطية Point mutation في مورثة التصاق الخلايا العصبية، معظم الذكور الذين يعانون من هذه المتلازمة لديهم استسقاء دماغي شديد، وحركات تشنجية وتخلف عقلي.
التشخيص
- التصوير بالطبقي المحوري CT:
تظهر الصور تضخم في البطين الثالث مع حجم بطين رابع طبيعي أو ناقص وهذا يتوافق مع تضيق في قناة سيفلوس، وغالبا الCT يستخدم بعد تطبيق المعالجة بالشنت للمتابعة وتقيم نجاح التداخل ومدى فعالية الشنت المطبق، ولكن لا بد من الإنتباه إلى أن الطبقي المحوري قد لايظهر بعض الأورام الصغيرة في الدماغ المتوسط الأمر الذي قد يؤخر في تشخيص سبب استسقاء الدماغ.
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI:
يعتبر الMRI أفضل طريقة لتقصي تضيق المسال الدماغي وذلك لأن الMRI يظهر كامل طول القناة و بالإضاقة لقدرته على إظهار الأورام الصغيرة المحيطة بها، وكما يقوم بإظهار حجوم البطينات مثل الCT، يعتبر الMRI مفيدا في إظهار مقدار الإنسداد في القناة خصوصا عند وجود عدة أورام، وبالتالي يساعد على وضع أفضل طريقة علاجية للحالة ) جراحة، شنت...).
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية في الرحم:
تستخدم هذه الطريقة لتشخيص التضيق الخلقي في قناة سيفلوس حيث تظهر توسع في البطينات الجانبية و البطين الثالث.
=العلاج
الهدف الأساسي من الطرق العلاجية التالية هو إعادة تصريف الCSF و تخفيف كميته المتراكمة في البطينات المسببة لارتفاع الضغط داخل القحف. علما أن الطرق التالية لا تسخدم في حال كان الإنسداد مسببا عن طريق ورم، وذلك بسبب أن الإنسداد الناتج عن الورم قد يتصحح بشكل تلقائي في حال استئصال الورم بشكل جراحي.
الشنت خارج القحف
هو عبارة عن أنبوب مع قثطرة في نهايته تسحب الCSF من البطين الثالث كما أنها مزوة بصمام لجعل السحب باتجاه واحد، توضع النهاية الأولى حيث القثطرة في البطين الثالث و توضع النهاية الأخرى في البريتوان أو في أذينة القلب لتشكل( شنت بطيني بيرتواني أو شنت بطيني أذيني). تعتبر عملية إدخال الشنت للبطين الثالث عملية جراحية غير صعبة (سهلة نسبيا) و بمعدل وفياة منخفض جدا وتقريبا معدوم (لم تسجل أي حالة وفاة منذ 1970.
هذه الطريقة العلاجية تعاني من عدة صعوبات(معدل الفشل حوالي 50% خلال سنتين) بسبب سوء عمل الشنت وفي هذه الحالة قد نضطر لإجراء عملية جراحية أخرى لإصلاح الخلل مثل: حجم قسطرة غير مناسب، أخماج، ضغط صمام السحب غير مناسب (قد يكون زائد أو ناقص وفي كلا الحالتين يتم التداخل لتعديل ضغط الصمام).
زيادة السحب يحدث عندما يكون ضغط الصمام منخفض جدا و سحب ال CSF من البطين الثالث بسرعة كبيرة، حيث تنخمص البطينات الجانبية والثالث وكما أن الأوعية الدموية المحيطة قد تتمزق الأمر الذي قد يؤدي إلى صداع ونزف أو متلازمة سليت البطينية. نقص السحب يحدث عندما يكون ضغط الصمام مرتفع للغاية و سحب ال CSF من البطين الثالث بطيء، والنتيجة سيحدث استسقاء دماغي والسائل الدماغي سيستمر بالتجمع بدلا من سحبه. وبالطبع هناك خطورة حدوث خمج بسبب الجسم الأجنبي المدخل إلى الجسم، وأعراض الخمج تتضمن الحرارة وتصلب النقرة.
خزع البطين الثالث بالتنظير ETV
ويتضمن هذا التداخل إجراء شق في أرضية البطين الثالث لفتح مكان يسحب منه ال CSF للخارج، الإجراء باضع بشكل خفيف ويتطبق بالتنظير، والهدف من هذا التداخل هو تشكيل مسار ومنفذ بين البطين الثالث و المسافة تحت العنكبوتية خارج الدماغ لإعادة امتصاص الCSF.
العملية لا تتضمن زرع جسم أجبني داخل الجسم وبالتالي فإن خطورة تطوير إنتان أخفض بشكل كبير من الشنت، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الطريقة تتجنب المشاكل الميكانيكية مثل انسدادات، زيادة سحب أو نقص سحب ومشاكل الصمامات.
تبدا الجراحة بالتداخل على البطين الجانبي الأيمن أو الأيسر بالتنظير ومن ثم الدخول على البطين الثالث ويتم إجراء شق في أرضية البطين ويختلف قياس هذه الشق حسب شدة الحالة. وجدت الدراسات أن خزع البطين الثالث بالتنظير يملك نسبة نجاح بحوالي 75%، و أن أكثر من 72% من الحالات كانت تعمل بشكل جيد بعد 15سنة، كما أن المرضى لا يضطرون للبقاء في المشفى لفترة طويلة بالمقارنة مع عملية الشنت.
وفي حال عدم نجاح العملية في معالجة الاستسقاء يتم إجراء تداخل جراحي آخر لتوسيع الشق أو تطبيق شنت.