العضال الغدي
د. بشير الجمال |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
العضال الغدي (الأدينوميوز) Adenomyosis
هو مرض نسائي يتصف بوجود نسيج بطاني رحمي (الطبقة الداخلية من الرحم) غير طبيعي داخل العضلية الرحمية (الطبقة الثخينة العضلية من الرحم).
وبالمقابل فإن تواجد هذه البطانة خارج الرحم تتحول الحالة إلى داء البطاني الرحمي الهاجر Endometriosis، يتواجد كلا المرضين في العديد من الحالات معاً، ولكن غالباً ما يكونان مستقلين. قبل تسمية العضال الغدي بمرض مستقل كان يسمى في السابق الداء الرحمي البطاني الهاجر الداخلي.
يشاهد العضال الغدي غالبا عند النساء بأعمار بين 35 و50 عام، ولكن قد يتواجد بأعمار أصغر، كما أن المريضات المصابين ب العضال الغدي يأتون بأعراض طمث مؤلم أو متطاول (أي عسرة طمث و نزف طمثي)، من الأعراض الأخرى ألم أثناء الجماع، ألم حوضي مزمن، تخريش المثانة البولية.
تخترق طبقة البطانة الرحمية الأساسية Basal emdometrium داخل الطبقة العضلية وبالتالي فإنها لن تخضع للتبدلات الدورية أثناء الدورة الطمثية على عكس الطبقة الوظيفية.
قد يكون العضال الغدي موضعيا في الرحم، مشكلا ورم عضلي غدي adenomyoma، وبانتشاره يصبح الرحم أكثر ثقلاً وضخماً.
الأعراض والعلامات
تتفاوت الأعراض ل العضال الغدي بشكل كبير وقد تسبب طيف واسع من الأعراض يتراوح من أن يكون لاعرضياً في 33% من الحالات إلى أن يكون شديداً جداً في بعض الحالات الأخرى.
تشتكي النساء غالباً من الأعراض للمرة الأولى بعمر بين 40 و50 عام ومن هذه الأعراض:
- ألم حوضي مزمن 77%
- نزف طمثي شديد 40-60%: ويكون أشيع عند النساء اللاتي يعانين من العضال الغدي عميق، قد يكون النزف شديدا لدرجة أن يسبب فقر دم مع الأعراض التي ترافقه من تعب ووهن ودوخة وتغير في المزاج.
- نزف رحمي شاذ
- آلام تشنجية أثناء الدورة الشهرية 15-30%.
- جماع مهبلي مؤلم
- حس ثقل أسفل البطن وعلى الفخذين و القدمين.
- ضغط على المثانة.
العلامات التي قد تشاهد في العضال الغدي:
- تضخم في الرحم 30% والتي قد تتسبب بأعراض امتلاء حوض
- رحم مؤلم بالجس
- عقم أو نقص في الخصوبة11-12%، كما أن العضال الغدي مرتبط بزيادة في حدوث المخاض الباكر و تمزق الأغشية الباكر.
الأمراض المرافقة
النساء اللاتي يعانين من العضال الغدي يكونون أكثر خطورة لوجود أمراض رحمية أخرى مثل:
- الورم الليفي الرحمي 50%
- الداء البطاني الرحمي الهاجر endometriosis 11%
- بوليبات داخل الرحم 7%
الأسباب
إن سبب العضال الغدي غير معروف حتى الآن، إلا أنه تم الربط بين العضال الغدي وأي أذية رحمية قد تسبب في كسر الحاجز بين البطانة الرحمية والعضلية الرحمية المعروفة بـ "منطقة الوصل"، ومن هذه الحالات:
- العمليات القيصرية.
- عمليات إنهاء الحمل.
- والحمول بشكل عام مهما كان نوعها.
- كما يمكن الربط بين العضال الغدي والإندومتريوز ولكن ما زال هناك العديد من الدراسات التي تتحدث عن وجود اختلافات بينهما.
التشخيص
التشريح المرضي
يتم وضع التشخيص لـ العضال الغدي من قبل المشرح المرضي الذي يقوم بفحص عينة صغيرة من الرحم، وهذه العينة قد تكون من خزعة رحم أو تؤخد من الرحم بعد عملية استئصال الرحم، الخزعات الرحمية يمكن الحصول عليها بطريقتين:
- عن طريق القيام بتنظير البطن.
- تنظير الرحم عبر المهبل و عنق الرحم،
ويتم وضع التشخيص عندما يشاهد المشرح المرضي تحت المجهر مجموعات من الخلايا الغازية من البطانة الرحمية إلى داخل الطبقة العضلية، وحتى يوضع التشخيص يجب أن يكون عمق هذا الغزو أكثر من 2% من سماكة العضلية الرحمية أو على الأقل1-4ملم داخل الطبقة العضلية.
التصوير
إن العضال الغدي يختلف بالتوضع والامتداد داخل الرحم من حالة لأخرى، وبالنتيجة لا يمكن أن يوضع تشخيص نهائي وواضح بناء على التصوير. ومع ذلك يمكن لبعض الطرق غير الغازية (التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير بالأمواج الصوتية عبر المهبل) أن تقترح بشدة وجود العضال الغدي بالإضافة أنها تفيد في وضع الخطة العلاجية ومراقبة الإستجابة للعلاج. وبالتالي، إن الرنين المغناطيسي والتصوير بالأمواج الصوتية عبر المهبل هما الوسيلتين الوحيدتين العمليتين المتوافرتين لوضع التشخيص قبل العمل الجراحي.
التصوير بالأمواج الصوتية عبر المهبل
يعتبر رخيص الثمن وسهل الاستعمال ويستعمل بشكل كبير في تقيم الأمراض النسائية والحمل أيضاً، وبما أنه يستعمل الأمواج الصوتية فهو آمن الاستعمال على الحوض وعلى أعضاء الجهاز التناسلي الأنثوي، وبالمجمل يعتقد بأن التصوير بالأمواج الصوتية عبر المهبل يملك حساسية تقدر بـ 79% ونوعية تقدر بـ 85% لتشخيص العضال الغدي.
ومن الموجودات التي تشاهد بالتصوير بالإيكو هي:
- رحم متضخم وغير متناظر
- كثافة رحمية (صدوية) غير طبيعية وتفاوت في الكثافة بين أجزاء الرحم
- كيسة عضلية (تجمع سوائل بين عضلات الرحم)
- وجود ظلال صوتية دون وجود ورم ليفي عضلي
- عدم تناظر بين الجدارين الأمي والخلفي للرحم
- انتشار لأوعية صغيرة داخل العضلية الرحمية
قد يستخدم إيكو دوبلر لتميز بين العضال الغدي والورم العضلي الليفي وذلك لأن الورم العضلي الليفي غالباً ما يكون محاطا بأوعية دائرية حول المحفظة الليفية بالمقابل العضال الغدي يحوي على أوعية دموية منتشرة في الآفة.
التصوير بالرنين المغناطيسي MRI
يقدم الرنين فعالية تشخيصية أفضل بقليل من الإيكو المهبلي وذلك بسبب قدرة الـ MRI على التمييز بشكل واضح بين الأنواع المختلفة من الأنسجة الرخوة، وبشكل عام تقدر الحساسية للـ MRI ب 74%، والنوعية ب 91% للكشف عن العضال الغدي. التشخيص ب MRI يتعمد بشكل رئيسي على كشف منطقة الوصل، حيث أن الرحم سيملك منطقة وصل متسمكة تبدو بإشارة غامقة وباهتة على كل من T1 و T2، وهذه هي المعايير للتشخيص ب MRI:
- تسمك في منطقة الوصل أكثر من 8-12 ملم ( حيث أن أقل من 8 هو الحد الطبيعي)
- عمق منطقة الوصل أكثر من 40% من سماكة الطبقة العضلية الرحمية
- الإختلاف في عمق منطقة الوصل على طول الآفة اكثر من 5 ملم
يعتبر الـ MRI أفضل الطرق للتميز بين العضال الغدي والأورام العضلية الليفية الصغيرة.
العلاج
لا يمكن علاج العضال الغدي بشكل كامل إلا باستئصال الرحم. وبما أن الأدينوميوز يستجيب على الهرمونات الجنسية، فإنه من المنطقي تراجعه مع سن الضهي عند انخفاض هذه الهرمونات الجنسية. عند النساء في سن النشاط التناسلي يتم تدبير العضال الغدي بهدف تخفيف الألم ومنع تقدم المرض وإنقاص النزف الطمثي الكبير.
التدبير الدوائي
- مركبات مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية NSAIDs: مثل الايبوبرفين والنابروكسين تستعمل عادة مع مركبات أخرى لتخفيف الألم. تقوم NSAIDs بتثبيط إنتاج البروستاغلاندينات عبر تثبيط فعالية أنظيم السيكلوأوكسجيناز، حيث وجد أن البروستاغلاندينات هي المسؤولة بشكل رئيسي عن عسرة الطمث (الألم أثناء الطمث) والألم التشنجي الحوضي المرافق للدورة.
- الهرمونات:
1- الأجهزة داخل الرحمية المطلقة لليفونورجستريل (اللوالب الهرمونية) مثل "الميرينا" هي علاج فعال لـ العضال الغدي، حيث أنه ينقص الأعراض بمنع نمو البطانة الرحمية وبالتالي ينقص أو ينهي خروج الدم الطمثي، وأيضاً وجد أنه يساعد على إنقاص مستقبلات الإستروجين وبالتالي فإن اللولب الهرموني يقلص من حجم النسيج البطاني داخل العضلية الرحمية. إن نقص كمية دم الطمث تساعد الرحم على التقلص بشكل أكثر فعالية وبالتالي انخفاض ألم الطمث. يعتبر اللولب الهرموني وسيلة جيدة لعلاج العضال الغدي مع المحافظة على إمكانية الإنجاب مستقبلاً. أكثر التأثيرات الجانبية إزعاجاً للولب الهرموني هي المشحات أو النزف الطمثي غير المنتظم (غير أوقات الدورة النظامية).
2- حبوب منع الحمل الفموية تنقص من ألم الطمث والنزف الطمثي المرافقين لـ الأدينونيوز، وقد يحتاج الامر لتناول هذه الحبوب بشكل مستمر لإنقاص دم الطمث. قد تؤدي حبوب منع الحمل إلى تراجع مؤقت ل العضال الغدي.
3- البروجستيرون أو البروجستيرين يقوم بمعاكسة الأستروجين ويثبط نمو البطانة الرحمية وبالتالي قد ينقص دم الطمث. البروجسترين هو مشتق كيميائي ل المركب الطبيعي البروجستيرون.
التدبير الجراحي
بشكل عام يمكن أن يقسم التدبير الجراحي إلى مجموعتين: محافظ على الرحم وغير محافظ على الرحم، حيث أن التدبير المحافظ على الرحم لا يتضمن استئصال الرحم ولكن في بعض الحالات قد يؤثر على الخصوبة أو قد يصيب السيدة بعقم كامل، في حين أن التدبير غير المحافظ على الرحم يتضمن استصال الرحم بالكامل وبالتالي سيؤدي إلى عقم تام.
الإنذار
يتعبر العضال الغدي سليماً ولكنه أفة متطورة، ويعتقد أنه لا يزيد من خطورة الإصابة بالسرطان.
العضال والعقم
يمكن لـ العضال الغدي أن يسبب العقم في بعض الحالات، ولكن قد تتحسن الحالة عند تدبير الأدينوميوز بالمعالجة الدوائية مثل الليفونورجستيريل.
في حالات الإخصاب المساعد IVF، تكون النساء المصابين بـ العضال الغدي أقل احتمالاً لنجاح الحمل وأكثر عرضة لحدوث إسقاطات.