مرض ارتفاع حمض الإيزوفاليريك
إن مرض ارتفاع حمض الإيزوفاليريك (Isovaleric acidemia) هو أحد أمراض التمثيل الغذائي الوراثية و التي تنتج من نقص أو فقدان احد الخمائر (الإنزيمات) والذي يسمى الإنزيم المكسر لحمض الإيزوفاليريك أو isovaleric acid CoA dehydrogenase ويتم التحكم بإفراز هذا الإنزيم بواسطة أحد المورثات Gene( الجينات ) المخصصة ( يسمى IVD ) لإدارة وظيفته وذلك عبر عدد من الوسائل البيولوجية الخلوية المعقدة. وعند وجود تغير في الشفرة والنمط الجيني لهذا المورث mutation أو بما يسمى الطفرة الوراثية), فأن الإنزيم المكسر لحمض الإيزوفاليريك يفقد التوجيه الحيوي وبالتالي تفقد الخلايا وظيفة هذا الإنزيم , مما يؤدي إلى تراكم الحمض بالدم , وحصول ما يعرف بارتفاع بحموضة الدم metabolic acidosis .
إن مرض ارتفاع حمض الإيزوفاليريك من الأمراض الوراثية المتنقلة من جيل إلى الذي يليه عن طريق النمط الجيني المتنحي autosomal recessive , أي أن المورث المعطوب والموجود لدي الطفل هو نسخة موروثة من كلا من الزوج والزوجة , ويعتبران ناقلين للمرض غير مصابين . إن هذا المرض من الأمراض الوراثية النادرة عالميا , ولكنها منتشرة في حالات زواج الأقارب , أو القبيلة الواحدة، و قد تحدث في بعض الأسر من دون وجود صلة قرابة واضحة. علميا وعند حساب الاحتمال الطبي الوراثي لإصابة أو عدم تكرار الإصابة بهذا المرض نقول , أنه توجد فرصة للنجاة من إصابة حالة أخرى هو 75% ( ثلاثة من أربعة ) سليمين, ولكن تبقي نسبة الاحتمال و تكرر الإصابة بنفس المرض هو 25 % ( واحد من كل أربعة) , ولكن يجب علينا التنبه أن هذه النسبة ( 25 أو 75 % ) تكون بكل حمل مستقلا و ليس لها علاقة بعدد الأطفال السليمين أو المصابين في السابق .
ألأعراض السريرية المصاحبة للمرض
لا يوجد أي أعراض محتملة لدي الأم توحي بإصابة الجنين بهذا المرض , وكذلك فأن الطفل يولد بدون ظهور أي أعراض غير طبيعة ولا يعاني من أعراض ظاهرة , وقد لا تظهر الأعراض إلا بعد الأسبوع الأول من العمر وخاصة بعد البدء في إرضاع الطفل الحليب الطبيعي أو الصناعي . عند ارتفاع مركبات الأحماض العضوية , ومادة الأمونيا ammonia بالدم تبدأ الأعراض الحقيقية للمرض بالظهور وهي :
- ازدياد الخمول , مع النوم المفرط مصحوبا بضعف الرضاعة .
- كثرة الاستفراغ ( القيء )
- قلة كميات البول المعتادة للمولود .
- ظهور رائحة مستغربة عبر مسام الجلد ( تشبه رائحة الجوارب الكريهة ) .
- تأخر التدخل الطبي, يؤدي بالوصول إلى حالة من الغيبوبة الجزئية أو الكاملة أو ظهور نوبات الصرع. وعند استفحال الحالة وعدم الإنعاش الطبي المكثف قد يؤدي هذا المرض إلى الوفاة مبكرا في الأسابيع الأولي .
تشخيص المرض ألسريري والمخبري
الارتفاع في حمضية الدم metabolic acidosis , هو أول البوادر لهذا المرض مصحوبا بارتفاع في مادة الأمونيا فوق المستوى الطبيعي ( أكثر من 100 غير طبيعي ) , وكذلك يمكن للطفل المصاب أن يعاني من هبوط في الصفائح الدموية وكريات الدم البيضاء. يتم تشخيص مرض ارتفاع حمض الإيزوفاليريك بدقة من خلال إجراء فحص لعينات من الدم وكذلك البول وذلك باستخدام طريقة القياس الطيفي للكتلة المتوالي ( Tandem mass spectrometry ). مع العلم أن هذا المرض هو من مجموعة الأمراض المشمولة في الفحص المبكر للمواليد لأمراض التمثيل الغذائي, وعن طريق وضع نقط من الدم على كرت خاص بالمختبر و أرسالة إلى تلك المراكز الخاصة يمكن التأكد من الإصابة أو عدمها والحصول على النتائج في اقل من 48 ساعة . إن تشخيص هذا المرض يحتاج إلى الانتباه والتوجس من الطبيب المعالج و قد يساعد الطبيب إلى التنبه إلى هذا المرض وجود حالة مشابهه سابقة للمرض , و لذلك ينبغي للأبوين إخبار الطبيب بذلك . و لا تنسى آخى الكريم أن تخبر طبيبة النساء و الولادة و الطبيب المتابع لطفلك السابق عندما تخطط للحمل القادم , وذلك لإتباع الوسيلة الأمثل خلال الحمل و لعمل الفحوصات اللازمة مباشرة بعد الولادة و قبل أن يتعب الطفل .
المضاعفات المحتملة للمرض
بعد أن يتعافى الطفل من الأعراض الأولية خلال الأيام الأولى من العمر قد تعاود الطفل نفس الأعراض السابقة خاصة في السنوات الأولى من العمر وهذه الأعراض لا تختلف كثيرا عن الأعراض الأولية, ولكن قد يظهر التدرج في ظهورها مع تدهور مستمر في صحة الطفل , خاصة عند مصاحبتها لأعراض الزكام, الحرارة, النزلات المعوية أو الصدرية, وتسمي الانتكاسة المرضية لمرض الإيزوفاليريك, وتحدث باستمرار في هذا المرض :
- القيء , و الخمول , ورفض الرضاعة
- ارتفاع سرعة التنفس.
- وعند التأخر في الرعاية الطبية , الغيبوبة الجزئية او الكاملة .
تختلف حدة هذه الأعراض من نوبة إلى أخرى, ولكن عند ظهور البوادر المبكرة لتلك الانتكاسات يجب على الأبوين المبادرة سريعا بإعطاء الطفل السوائل بشكل اكبر, وذلك عن طريق الفم أو أنبوب التغذية الأنف-المعدي. قد يواجه الوالدين صعوبة في إقناع الطفل في تناول هذه السوائل لذلك قد تنفع عملية إعطاء السوائل بكميات قليلة و لكن بشكل متكرر و مستمر.
علاج المرض والتدخلات الطبية
إن هذا المرض وكغيره من الأمراض الأستقلابية لا يوجد علاج شافي له حتى الآن, كما انه ليس هناك ما يمكن عمله لتنشيط الإنزيم المعطوب غير أن هناك برنامج مخصص للوقاية أو التقليل من الآثار والمضاعفات المحتمة للمرض. يتكون هذا البرنامج من:
- جوانب غذائية تتألف من الحمية الغذائية المخصصة للحد من كميات البروتين وتهدف إلى التقليل من الآثار المصاحبة لارتفاع الأحماض العضوية بالدم
- وأخرى بالعقاقير الطبية للتقليل من الأعراض الحادة والمصاحبة للمرض و تساعد على التقليل من الانتكاسات وتحد من درجة الأعراض المزمنة للمرض.
يجب إتباع الحمية الغذائية بشكل دقيق خاصة في الأمور التي تتعلق بتناول البروتينات, خاصة , فهناك أنواع من الحليب الصناعي المعد خصيصا لهؤلاء الأطفال المصابون بهذا المرض , خاليا من الحمض الاميني المسمى ليوسين leucine. (المنتج تصنعه شركة ابوت , والاسم التجاري له هو I-Valex) وهي محتويا على النسب الأمثل من البروتينات والمواد الغذائي الأساسية الأخرى بحسب عمر المريض . ومما ينبغي التنبه عليه أنه عند بلوغ الطفل المصاب لسن الفطام, يجب اتباع القاعدة الأساسية والتي مفادها الحذر من المواد البروتينية (كاللحوم, الألبان ومشتقاتهما) وخاصة عند البدء بالأطعمة التي لم تكن تعطى من السابق للمريض , مع نوع من الحرية في المواد النشوية والسكريات المركبة (الفواكه والخضروات). إن هذه النواحي الغذائية تستوجب المتابعة المستمرة من قبل الأخصائي المتمرس في مثل هذه الأمراض . وبالإضافة إلى النواحي الغذائية والتمسك الحرفي بما يحدده أخصائي التغذية فان هناك العديد من الأدوية التي قد تفيد من تقليل حدة المرض وانتكاساته المتكررة, ومن هذه الأدوية مادة الغلايسين Glycine وتستخدم كعامل مساعد للتخلص من تراكم الحمض الإيزوفاليريك, مادة الكارنتين Carnitine والتي تستخدم كعامل مساعد للتخلص من تراكم بعض الأحماض العضوية . عند حدوث الانتكاسات الحادة , ينبغي للطبيب المعالج المسارعة في معايرة حمضية الدم ومستوى الامونيا , والبدء الفوري بالإرواء الوريدي وذلك بإعطاء السوائل المناسبة لوزن الطفل . ومن المساعد جدا إعطاء مادة الكارنتين عن طرق الوريد .
التكهن والتطور المستقبلي للمرض
بالإضافة لما سبق ذكره من المعاودة المحتملة للأعراض الانتكاسة قد يعاني بعض الأطفال المصابين بهذا المرض بضعف في الشهية والبنية الجسدية, ولكن التطور الحركي والذهني يكون في غالبية المرضي في الحد الطبيعي لمن يماثلهم بالسن .