حمى الوادي
تحدث حمّى الوادي بسبب أحد الفطور التي توجد في التّربة، ويمكن لهذا الفطر أن ينتشر في الهواء عند حدوث أي شيء يثير التّربة، مثل أعمال الزّراعة، والبناء، والرياح أيضاً، وعندئذٍ يمكن استنشاق هذا الفطر إلى الرّئتين. وتُعَدّ حمّى الوادي أحد أشكال الإصابة بالفُطار الكُرَوانيّ. ويمكن أن تسبّب الحمّى، وألم في الصّدر، وسعال، وغيرها من الأعراض.
إنّ أكثر من نصف الذين يستنشقون الفطر الذي يسبّب حمّى الوادي يعانون من بضع مشاكل، في حال عانوا منها على الإطلاق، إلا أنّ البعض، وخاصّةً النّساء الحوامل، والأشخاص المصابين بضعفٍ في جهاز المناعة، وأولئك من العرق الآسيوي، والأصول الأفريقيّة، واللاتينيّة، يمكن أن يصابوا بأشكالٍ أخطر من الإنتان بالفُطار الكُرَوانِيّ والتي تودي بالحياة أحياناً.
عادةً ما تتلاشى الحالات الخفيفة من حمّى الوادي من تلقاء ذاتها، أمّا في الحالات الأكثر حدّةً من الإصابة بالفطار الكرواني، يصف الأطبّاء أدويةً مضادّة للفطور يمكنها معالجة الإنتان الكامن.
الأعراض
حمّى الوادي هي واحدة من ثلاثة أشكال للإصابة بالفُطار الكُرَوانِيّ، وتتضمّن تلك الأشكال الشّكل الحاد (حمّى الوادي)، والمزمن، والمُنتثر.
- الفُطار الكُرَوانيّ الحادّ (حمّى الوادي):
غالباً ما يكون الشّكل الحادّ من الإصابة خفيفاً، وإذا حدثت الأعراض والعلامات، فإنّها تكون خفيفة، وتظهر بعد التّعرّض للفطر بأسبوع إلى ثلاثة أسابيع. وهي عادةً ما تشابه أعراض الزكام، ويمكن أن تترواح بين الأعراض الطّفيفة إلى الحادّة، وهي تتضمّن ما يلي:
- حمى
- سعال
- ألم صدري، ويترواح بين إحساس خفيف بالضّيق الصّدري، إلى الضّغط الشّديد الذي يشابه النّوبة القلبيّة
- عرواءات (قشعريرة)
- تعرّق ليلي
- صُداع
- تعب
- ضيق نَفَس
- آلام مفصليّة
- طفح أحمر منقّط
يتكوّن الطفح الذي يرافق حمّى الوادي أحياناً من نتوءات حمراء مؤلمة تتحوّل إلى اللّون البني في وقتٍ لاحق. ويظهر الطّفح بشكلٍ أساسي على الجّزء السّفلي من السّاقين، إلا أنّه يظهر أحياناً على الصّدر، والذّراعين، والظّهر. وقد يعاني آخرون من طفحٍ أحمر مرتفع مع بثرات أو طفح يبدو كالبثور.
إذا لم يُصَب المرء بالمرض نتيجةً لالتقاط فطر حمّى الوادي، فقد يدرك أنّه قد أُصيب عندما يخضع لاحقاً لفحص جلدي أو دموي وتكون النّتيجة إيجابيّة. كما يمكن أن تظهر مناطق صغيرة من الالتهاب المُتبقّي في الرّئتين (عقد) على صورة الأشعّة السّينيّة. ومع أنّ هذه العقد لا تسبّب أي مشاكل إلا أنّها يمكن أن تبدو كسرطان على صورة الأشعّة السّينيّة، وبالتالي قد يحتاج المريض للخضوع للخزعة.
إذا كان المريض يعاني من الأعراض، وخاصّةً إذا كانت الأعراض شديدة، فإن سير المريض يكون متنوعاً، وعندئذٍ فقد يستغرق التّعافي بشكلٍ كامل مدّةً تتراوح بين ستّة أشهر إلى سنةٍ واحدة، وقد يستمرّ ألم المفاصل والتّعب لمدّةٍ أطول. وتعتمد شدة المرض على عدّة عوامل؛ بما فيها الحالة الصحيّة العامّة للمصاب، وعدد الأبواغ الفطريّة التي استنشقها.
- الفُطار الكُرَوانِيّ المزمن: قد يصاب المرء بالالتهاب الرّئوي النّاجم عن الفُطار الكُرَوانِيّ بعد حوالي 20 سنة من التعرض الأوّل للفطر، وهي تُعَدّ أكثر شيوعاً عند المرضى المُصابين بداء السّكّري وضعف جهاز المناعة. ومن المرجّح أن يعاني المريض من فترات من تفاقم الأعراض التي تتناوب مع فترات من النّقاهة، وتتشابه الأعراض مع تلك التي تحدث عند الإصابة بالسلّ، وهي تتضمّن ما يلي:
- حمى خفيفة
- فقدان الوزن
- سعال
- ألم صدري
- بلغم مشوب بالدّم
- وجود عقد في الرّئتين
- الفُطار الكُرَوانِيّ المُنتَثِر:
ويُعَدّ الشّكل الأخطر من المرض، وهو يحدث عندما ينتشر الفُطار الكُرَوانِيّ إلى خارج الرّئتين لينتقل إلى أعضاء أُخرى من الجّسم، وغالباً ما تتضمّن تلك الأعضاء الجّلد، والعظام، والكبد، والدّماغ، والقلب والأغشية التي تحمي الدّماغ والنّخاع الشّوكي (السّحايا).
تعتمد أعراض الفُطار الكُرَوانِيّ المُنتَثِر على الأعضاء المُصابة، وهي تتضمّن ما يلي:
- عقد وآفات وقرحات جلديّة أخطر من الطّفح، والذي يحدث في أشكالٍ أُخرى من المرض
- آفّات مؤلمة في الجّمجمة، أو العمود الفقري، أو غيرها من العظام.
- ألم وتورّم المفاصل، وخاصّةً في الرّكبة والكاحل
- التهاب السحايا، وهو إنتانٌ يصيب الأغشية والسّوائل التي تحيط بالدّماغ والنّخاع الشّوكي، وهو يُعَدّ أكثر مضاعفات حمّى الوادي إحداثاً للوفاة
الأسباب
يعيش الفطر الذي يسبب حمّى الوادي، هو الكُرَوانِيَّةُ اللَّدودَة، في التّربة الصّحراويّة القلويّة.
كما هو الحال بالنّسبة للكثير من أنواع الفطور، فإنّ لهذا الفطر دورة حياة معقدة. ففي التّربة، ينمو الفطر على شكل عفن مع خيوط تنفتح نهايتها لتتحرر الأبواغ التي ينقلها الهواء عندما يثير شيءٌ ما التّربة. وتكون هذه الأبواغ صغيرة للغاية حيث يمكن للرّياح أن تحملها لمسافاتٍ بعيدة وهي مُعدِية بشدّة. وما أن تدخل إلى الرّئتين، حتّى تبدأ الأبواغ بالتّكاثر لتستمرّ دورة المرض.
- التّعرّض البيئي:
إنّ أيّ شخصٍ يستنشق الأبواغ التي تسبب حمّى الوادي هو عُرضَةٌ للإصابة بالإنتان. ويُقدر بعض الخبراء أنّ ما يقارب نصف الذين يعيشون في المناطق التي ينتشر فيها حمّى الوادي قد أُصيبوا بالمرض. كما أنّ الأشخاص الذين يعملون في وظائف تعرّضهم لاستنشاق الغبار هم أكثر عُرضَةً للإصابة؛ مثل عمّال البناء، وعمّال الطّرق، والزّراعة، ومربّي الأبقار، وعلماء الآثار، والعسكريين في التّدريبات الميدانيّة.
- التّدخين:
إنّ المدخّنين، وخاصّةً الذين يشكون من تليّف الرّئة؛ أي وجود تندّب وتسمّك في الأنسجة الرّئوية، هم أكثر عُرضَةً للإصابة بحمّى الوادي وتطورها إلى التهابٍ رئوي مزمن في وقتٍ لاحق، ممّا هو عليه الحال عند غير المدخّنين.
- العرق:
على الرّغم من أنّه لم يتمّ فهم أسباب ذلك بشكلٍ جيّد، إلا أنّ الأشخاص من العرق الفيليبيني، واللاتيني، والآسيوي، وذوي البشرة السّوداء، هُم أكثر عُرضَةً من ذوي البشرة البيضاء للإصابة بالإنتانات الخطيرة عند التعرّض لهذا.
- الحمل:
إنّ الحوامل معرّضات للإصابة بإنتانٍ أكثر خطورة في الثّلث الأخير من الحمل وبعد الإنجاب مباشرةً.
قد تكون الإصابة بحمّى الوادي أشدّ حدّةً بالنّسبة للمُصابين بداء السّكّري.
- ضعف جهاز المناعة:
إنّ وجود ضعف في جهاز المناعة يجعل المرء أكثر عُرضَةً للإصابة بمضاعفات حمّى الوادي؛ بما في ذلك الفُطار الكُرَوانِيّ المُنتَثِر. وينطبق ذلك على المُصابين بالإيدز، أو الذين يخضعون للعلاج بالستيروئيدات، أو العلاج الكيميائي، أو الأدوية التي تمنع رفض العضو الجّديد بعد الخضوع لزرعه. كما أنّ المُصابين بداء هودجكن والسّرطان هم أكثر عُرضَةً للإصابة بالمرض.
- العمر:
إنّ كبار السّن أكثر عُرضَةً للإصابة بحمّى الوادي من الأشخاص الأصغر سنّاً. وقد يكون ذلك بسبب ضعف جهاز المناعة لديهم، أو بسبب إصابتهم بمشاكل صحيّة أُخرى تؤثّر على حالتهم الصحيّة.
المضاعفات
يمكن أن تسبّب حمّى الوادي عدداً من المضاعفات الخطيرة، وخاصّةً بالنّسبة للمصابين بفيروس عَوَز المناعة البشري المكتسب (الإيدز)، وتتضمّن تلك المضاعفات ما يلي:
- الحالات الشّديدة من الالتهاب الرّئوي:
يتعافى معظم المُصابين من الالتهاب الرّئوي النّاجم عن حمّى الوادي بدون أيّ مضاعفات. بينما يمكن أن يصاب آخرون؛ وخاصّةً أولئك من العرق الفليبيني، واللاتيني، والآسيوي، وذوي البشرة السّوداء، والمُصابين بضعف جهاز المناعة، بالمرض الشّديد.
- تمزّق العقد الرّئوية:
تصاب نسبة صغيرة من المرضى بعُقد (تجاويف) رقيقة الجّدران في الرّئة، ويختفي العديد منها دون أن تسبّب أيّ مشاكل، إلا أنّ بعضها تتمزّق وتسبّب ألم في الصّدر وصعوبة في التّنفّس. وقد تتطلّب حالة تمزّق العقد الرّئوية وضع أنبوب في الفراغ حول الرّئتين لإزالة الهواء، أو القيام بجراحة لإصلاح الأذى.
- الدّاء المُنتثر:
وهو أخطر مضاعفات الفُطار الكُرَوانِيّ. وإذا انتشرت الفطور خلال الجّسم، فقد تسبّب المشاكل تتراوح بين القرحات والخُرّاجات الجّلديّة إلى الآفات العظميّة، والألم المفصلي الحادّ، والتهاب القلب، ومشاكل الطّرق البوليّة، والتهاب السحايا.
العلاج
قد تكون الرّاحة العلاج الوحيد:
لا يحتاج معظم المُصابين بحمّى الوادي الحادّة إلى أيّ علاج، فحتّى وإن كانت الأعراض شديدة، فإنّ العلاج الأفضل للبالغين الأصحّاء غالباً ما يكون الرّاحة في الفراش، والسّوائل، وهي نفس المقاربة العلاجيّة التي تُستَخدَم في علاج حالات الزّكام والأنفلونزا. ومع ذلك يجب على الأطباء مراقبة الحالة بعناية.
الأدوية المُضادّة للفطور
إذا لم تتحسّن الأعراض، أو إذا ساءت، أو إذا كان المريض مُعَرّضاً لخطر الإصابة بالمضاعفات، فقد يصف الطّبيب أدوية مُضادة للفطور مثل fluconazole. ويمكن أن تُستخدم هذه الأدوية أيضاً للأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بالمرض، أو المُصابين بالشّكل المزمن أو الشّكل المُنتثر من المرض.
بشكلٍ عام، تُستخدم الأدوية المُضادة للفطور مثل fluconazole وitraconazole في معظم الحالات ما عدا الحالات الشّديدة جدّاً. وقد يكون لجميع مضادّات الفطور تأثيرات جانبيّة خطيرة، إلا أنّ هذه التّأثيرات الجّانبيّة تزول تلقائيّاً عند إيقاف الدّواء. والتأثيرات الجانبية الأكثر شيوعاً لأدوية fluconazole وitraconazole هي الغثيان، والإقياء، والألم البطني، والإسهال. يمكن علاج الإصابات الأكثر خطورة مبدئيّاً بمضادّات الفطور التي تُعطى عبر الوريد، مثل amphotericin.
وتسيطر هذه الأدوية على الفطور، إلا أنّها في بعض الأحيان لا تُدمرّها، وقد تنكس المشكلة. وبالنّسبة للعديد من الأشخاص، تؤدّي الإصابة بنوية واحدة من حمّى الوادي إلى مناعة دائمة، ولكن يمكن أن يتنشّط المرض مرّة أُخرى أو قد يصاب المرء مرّةً أُخرى عندما يضعف جهاز المناعة بشكلٍ كبير.
الإنذار
غير متوفّر