المعجم المفسر للطب والعلوم الصحية حرف (c) - إنجليزي - عربي
المعجم المفسر للطب والعلوم الصحية - حرف (C) - إنجليزي - عربي
- إعداد: د. يعقوب أحمد الشراح
- إشراف: د. عبد الرحمن عبد الله العوضي
- عدد الصفحات: 376 - سنة النشر 2010
- إصدار مركز تعريب العلوم الصحية
لقد كرمنا الله بأن جعل اللغة العربية لغة القرآن الكريم حفظها لنا سبحانه بحفظه للقرآن فقال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (9) سورة الحجر، كما اشتملت هذه اللغة ألفاظ ومعاني الحديث الشريف والشريعة السمحاء. ومع ذلك فإننا دون سائر الأمم مازلنا نُهمل لغتنا ونحارب التمسك بها، ونلجأ لتعليم أبنائنا باللغة الأجنبية في مؤسسات التعليم، وأحياناً نتحدث في منازلنا مع أبنائنا بلغة أخرى أو بلغة مهجّنة من العربية والأجنبية.
وإنه لمن العجب أن نجد بعض الدول محدودة القدرة والإمكانات تهتم بلغتها، وتُدرّس بها مختلف المعارف ومنها العلوم الطبية والصحية. والكثير من دول العالم يضع القوانين من أجل التعامل مع لغاتها وعدم إحلالها بلغات أخرى في التراسل والتعليم والترجمة والتأليف وغيرها، انطلاقاً من اعتزازها بلغاتها الوطنية، وعلى أساس أن اللغة مرتبطة بالأمة والهوية والوجود والتفكير.. لكن الذي نشاهده في عالمنا العربي واقعاً يختلف عن واقع اللغات في العالم، فنحن مازلنا نُدرّس أبناءنا في المؤسسات التعليمية، وخاصة كليات الطب مختلف المعارف باللغات الأجنبية، بل إن اللغة الأجنبية أصبحت لغة التخاطب والتراسل والنقل والنشر في الكثير من أقطارنا العربية.
الدارس لهذا الواقع في أقطارنا العربية يستشعر مخاطر التعليم بغير العربية والتي من أبرزها خلق شعور الغربة والضياع عند المتلقي، وتطبيع فكره وثقافته بطابع اللغة الأجنبية، وبمدها الثقافي، وتأثيراتها الذهنية والنفسية التي لا يستطيع الطالب في المدرسة، أو الجامعة أن يتخلص منها أو يقاومها حتى لو حاول ذلك. هذا في الوقت الذي ندرك تماماً أن نظريات التعليم والدراسات النفسية والاجتماعية تؤكد مخاطر التعليم بغير لغة الأم، وخاصة في المراحل الأولى من التعليم.
منظمة اليونسكو أيضاً اكتشفت مشكلات التعليم بغير اللغات الوطنية، فأصدرت بياناً تؤكد فيه أهمية استخدام اللغة الوطنية في التعليم إلى أقصى مرحلة ممكنة. فأين نحن من هذه التوصيات الدولية ونتائج الدراسات البحثية في مجالات التعليم واللغة والفكر والمعرفة، خصوصاً وأن العالم يعيش عصراً تتنافس فيه اللغات، وتتوغل الثقافات بسلبياتها وإيجابياتها، وتسعى الأمم لحفظ لغاتها من خلال إصدارها للتشريعات المُلزِمة باستعمالات اللغات الوطنية في التعليم والتراسل والثقافة وغيرها.
واقعنا اللغوي هذا لا يسعدنا كثيراً ما دمنا نُعلِّم أبناءنا بلغة أجنبية، ونُقدّم الحوافز والوظائف في أسبقية مكشوفة تحدد أن كل من يتخرج من الجامعات الأجنبية له الأفضلية على غيره من خريجي الجامعات العربية. لذلك ليس بمستغرب أن يتعلم أبناؤنا باللغة الأجنبية في أكثر من (%90) من كليات الطب العربية التي تُعلِّم أو تُدرّس بالأجنبية، وينطبق هذا الواقع على كليات العلوم والاقتصاد والإدارة والمعلومات والصناعة والتكنولوجيا.
وللتعليم الطبي بلغة أجنبية في الكليات العربية مساوئ لا حصر لها، أبرزها أن المتخرج من كلية الطب العربية، لا يمتلك المهارات الأساسية لا في اللغة العربية ولا في اللغة الأجنبية، خصوصاً وأن المعلم يُدرّس أحياناً بلغتين وعلى نحوٍ مهجّن، وكثيراً ما سمعنا محاضرات أُلغيت في قاعات جامعات عربية مرموقة بلغة مهّجنة اختلطت فيها العامية المحلية بالمصطلحات الأجنبية اختلاطاً عجيباً.
المعارضون لتعريب العلوم الصحية، مع الأسف، يركزون على محاربة التعريب من منطلق المصطلحات الطبية على أنها مصطلحات أجنبية لا يمكن إيجاد مقابلات لها، أو خلق مصطلحات طبية عربية حديثة أسوة بما كان يقوم به العلماء العرب والمسلمون في الحضارة العربية. فليس لدى هؤلاء حجة ضد التعريب إلا الاستشهاد بالمؤسسات المصطلحية الأجنبية التي تتعامل مع آلاف المصطلحات، وتهتم بمسائل تطويرها اشتقاقاً ونحتاً ووصفاً لدلالاتها في إطار القياسات المصطلحية والمنهجية العلمية. لكنهم يتعمدون تجاهل أصل مشكلة المصطلح العربي على أنه نابع من لامبالاتنا أو إهمالنا للمصطلحية، وأن الأمر لا علاقة له باللغة العربية الثرية بالمصطلحات والمتمكنة من استيعاب كل شروحها ومبادئها.
ما من شك أن المصطلحات الطبية جزء من اللغة رغم أنها تُشكِل لغة خاصة بها، وفهماً قد يختلف المصطلحيون على أنماطه وأشكاله وتبايناته وتعقيدات القبول العام لتوحيد كل المصطلحات. وهذه الظاهرة لها أسباب كثيرة منها التحيز للاختصاص، وتباين الخلفيات الثقافية والاجتماعية والفلسفية والمنطقية وغيرها، لكن البعد اللغوي للمصطلح هو أكثر العوامل تأثيراً، وبالتالي فالمصطلح يعتمد عليه أكثر من اعتماده على الأبعاد الأخرى. وهذا البعد اللغوي ساهم في تذليل الكثير من العقبات التي واجهها المركز، في سعيه المتواصل لإنجاز مشروع المعجم المفسر الذي هو بمثابة موسوعة طبية، ومرجع يضم المصطلحات وتفسيراتها الطبية مدعّمة بالأشكال والصور ووسائل الإيضاح الضرورية التي تعُين على الفهم والمتابعة.
والدليل على ذلك ما قام به الأطباء العرب منذ الستينيات بوضع معجم طبي موحد، تطور مع مرور الزمن إلى مجلد يحوي آلاف المصطلحات الموحدة الطبية من كل التخصصات وباللغة العربية. بل إن هذا المعجم الطبي الموحد ظل ومازال معجماً يعتمد عليه مركز تعريب العلوم الصحية بالكويت في كافة أعماله واستخدام مصطلحاته، وقد وضع المركز لها شروحات باللغة العربية بدءاً بالحرف(A) ثم الحرف (B) وبعده الحرف (C) الذي هو بين أيدينا الآن وفي طبعته الأولى. فإنجاز الحرف (C) من أحرف المعجم المفسر للطب والعلوم الصحية هو مواصلة للعمل المستمر لاستكمال بقية الحروف، وحين الانتهاء من شروحات كامل المعجم المفسر فإننا أمام إنجاز كبير لتفسيرات طبية لأكثر من (150) ألف مصطلح طبي مطبوع ورقياً ومخزن إلكترونياً.
نتمنى أن يكون هذا العمل خطوة تحفّز المزيد من الأعمال والمنُجزات التي تنمي وتصون اللغة العربية، وتجعلها أكثر صلابة ومنافسة أمام صلابة ومزاحمة اللغات الأخرى، وخاصة اتساع تأثيراتها الفكرية واللغوية والثقافية على العالم. إن أهمية اللغة تنبع من كون اللغة كيان ثقافي وحضاري ممتد، يحتاج دائماً إلى رعاية وتغذية وإسهامات لا تتوقف فقط على الأفراد، وإنما أيضاً الحكومات والمؤسسات والهيئات المختصة على امتداد وطننا العربي. فالعمل المعجمي يحتاج إلى تنظيم وتنسيق ودعم مادي وبشري لكي لا يكون التشتت الحالي لعدد كبير من الجهات التي تجتهد في وضع المصطلحات في المجالات المعرفية المتنوعة، لكنها في الغالب مصطلحات مكررة، وبعضها غير مقبولة علمياً لأنها لا تستند على منهجية ومبادئ توحيد المصطلحات، ولا على الأسس العلمية التي ينبغي أن تؤسس عليها.
ويسعى مركز التعريب لأن يكون المعجم المفسر للطب والعلوم الصحية (الحرف C) معيناً ومفيداً لكل طالب طب وطبيب، وباحث وكاتب ومترجم وناشر ومهتم بالعلوم الطبية والصحية، فلقد ساهم فيه نخبة من الأطباء العرب الذين أبدوا ملاحظاتهم على المصطلحات الموحدة، وقاموا بوضع الشروح بالاعتماد على مصادر متعددة. ولقد أُجريت تعديلات كثيرة على الشروح، ولم يكن العمل هيناً، ولا السير في طريقه ممهداً، فقد وفر المركز كل الأدوات الضرورية التي يتطلبها إنجاز العمل على النحو المطلوب. كما أن تعاون الأطباء وتقبلهم للعمل وحماسهم له من العوامل المهمة التي ساعدت على تحقيق خطة وإجراءات المركز في إنجاز الحرف (C) من المعجم الطبي.
لاشك أن أي عمل علمي لا يخلو من العقبات، لكن خبرة العاملين في المركز وعلى مدى سنوات طويلة في ميدان الترجمة والتأليف وبناء قواميس متخصصة، وتعاون الأطباء معه، وعلاقاته بمؤسسات البحث واللغة والترجمة في الوطن العربي، كلها عوامل ساعدت في تذليل هذه العقبات. إن هذا العمل المعجمي الطبي المفسر للحرف(C) الذي يتضمن أكثر من خمسة عشر ألف مصطلح يستحق الثناء، ولابد له من ملاحقة التطور الطبي، ومواكبة المتغيرات ومتابعة كل ما يجدّ في كل فترة من الزمن.
والشكر لكل الأطباء الذين عملوا سنوات في وضع تفسيرات للمصطلحات الطبية، وكذلك الهيئات والمؤسسات المهتمة بالتعريب والثقافة والعلوم، وخاصة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي التي وفرت نصف تكلفة دعم المشروع لاهتمامها بكل ما يطوّر ويثري الحياة الثقافية، ويعزز مكانة اللغة العربية في أقطارنا العربية. فالشكر والتقدير والثناء لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وكذلك الشكر موصول لكافة العاملين بالمركز على جهودهم المتواصلة في إنجاز الحرف (C) من المعجم المفسر للطب والعلوم الصحية، فبارك الله في الجميع.