اعتبارات غذائية في شفاء الجروح
اعتبارات غذائية في شفاء الجروح
مقدمة حول شفاء الجروح وعلاقته بالتغذية
إن الطريقة الأفضل للوصول إلى الشفاء الأمثل في الوقت الأقصر مع أقل قدر ممكن من الألم و تشكل الندب المعيبة يتم من خلال تأمين العناصر الغذائية الضرورية للمريض. تتضمن عملية شفاء الجروح سلسلة من التفاعلات المعقدة تشارك فيها أنماط خلوية متعددة (خلايا بشروية , ضامة) إلى جانب كل من الوسائط الإلتهابية والقالب خارج الخلوي. وتمر عملية شفاء الجروح بأربعة مراحل: مرحلة الإرقاء, المرحلة الإلتهابية, المرحلة التكاثرية, ومرحلة إعادة التشكيل أو القولبة. ولكل مرحلة من مراحل شفاء الجرح خصوصية معينة بالرغم من تداخل كل مرحلة مع المرحلة التي تليها.
- ولما كانت عملية شفاء الجروح الناجحة تتطلب وصول كمية كافية من التروية الدموية الحاملة للمواد الغذائية إلى مكان الإصابة فإن كلاً من الحالة الصحية العامة والحالة الغذائية تلعب دوراً حاسماً في شفاء الجروح من حيث شكل الشفاء وزمن الشفاء. ويرى بعض أخصائي الجراحة أن عملية شفاء الجروح تتضمن تأثير مشترك لكل من العوامل الحيوية والنفسية والتي تتأثر بدورها بكل من الحالة الغذائية والمرضية كالإصابة ببعض الأمراض مثل السكري, الأورام الخبيثة, والأمراض الرثوية.
"إن الطبيب الناجح هو الطبيب الذي يضع تقييماً شاملاً للمريض وليس الذي يضع تقيماً شاملاً للمرض دون أن يراعي التأثير المتبادل بين العوامل المختلفة في الجسم".
- لابد أن تتم عملية شفاء الجروح في بيئة حيوية مناسبة والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى عملية الشفاء وإعادة البناء النسيجي. وبالمقابل فإن ارتفاع معدل العمليات الاستقلابية الناتجة عن الاستجابة الإلتهابية و ازدياد وتيرة النشاط الخلوي يتطلب ازدياد الوارد الغذائي من البروتينات (الحموض الأمينية), الفيتامينات, والمعادن الضرورية. إن المعايير المثالية لشفاء الجروح: الشفاء في أقصر وقت ممكن مع أقل قدر ممكن من الألم والتشكل المعيب للندبة. إن تقييم الندبة يعتمد على الشكل الأخير الذي وصلت إليه والذي يجب أن يتمتع بمقدار كافي من المرونة ومقاومة الشد. إن فهم الدور الذي تلعبه العناصر الغذائية في التأثير على نتائج شفاء الجرح يعتبر من الأمور الهامة في تدبير شفاء الجروح.
- وقد أكدت الأبحاث العلمية الأخيرة التي درست الآلية المعقدة لشفاء الجروح على الدور الهام الذي تلعبه كل من العناصر الغذائية التالية في عملية شفاء الجروح: الفيتامين A,الفيتامين C,الفيتامين E, الزنك(Zn), الأرجنين, الغلوتامين, والغلكوزأمينات, إضافة إلى دور أنزيم البرومولين في الشفاء.
ولابد من المرور على بعض التعاريف الهامة
سوء التغذية
بالتعريف هو النقص الواضح في كمية الأنسجة أو نقص الوارد الغذائي لفترة طويلة و المترافق مع حدوث الأذيات الشديدة. وينطوي هذا التعريف على مجموعة من الامراض الأخرى.
الكواشيركور
هو نقص الوارد الغذائي من البروتينات الضرورية.
سوء التغذية المعتمد على البروتينات
يعتبر الكواشيركور أحد أنماط سوء التغذية المعتمد على البروتين ولكنه سوء التغذية يمتد لأكثر من عدة أسابيع أو أشهر والذي يتظاهر سريرياً من خلال انخفاض الألبومين, فقر الدم, تشكل الوذمة, ضمور العضلات, تأخر شفاء الجروح وضعف الاستجابة المناعية. ولدى المرضى المصابين بأذيات شديدة والخاضعين للعناية الطبية في المشفى, يمكن أن تتطور لديهم أعراض مشابهة خلال 7 - 10أيام في حال كان الوارد الغذائي لديهم غير مناسب.
المارسموز هوأحد أنماط سوء التغذية المعتمد على نقص الوارد الغذائي من البروتينات والحريرات.
نقص التغذية المعتمد على البروتينات والحريرات
يعتبر المارسموز أحد أنماط سوء التغذية المعتمدعلى نقص الوارد الغذائي من البروتينات والحريرات لفترة تزيد عن عدة أشهر وفي بعض الحالات لعدة سنوات. والذي يتظاهرسريرياً من خلال فقد الوزن, انخفاض معدلات الاستقلاب الرئيسية, نضوب النسيج الشحمي المتوضع تحت الجلد, بطء قلبي (أقل من 60ضربة بالدقيقة) وانخفاض حرارة الجسم. إن هذه الأنماط من سوء التغذية غالباً ماتكون مترافقة مع الأمراض المزمنة والتي تسبب نقص في الشهية.
لمحة عن شفاء الجروح
أنماط شفاء الجروح
- الشفاء بالمقصد الأول ويتم ذلك في الجروح النظيفة,أو الملوثة قليلاً, حيث أن خطر حدوث الانتان قليل و ذلك بتقريب حواف الجرح و تقريب للجلد كامل السماكة و هذه الطريقة تترك عادة ندبة رفيعة و غير معيبة و يتم الشفاء بسرعة.
- الشفاء بالمقصد الثاني ويتم ذلك في الجروح المصابة بالإنتان أو الملوثة بشكل كبير حيث أن حدوث خطر الانتان كبير(خراج زائدة دودية),أو في الحروق من الدرجة الثالثة بدون طعم جلدي و تترك لتلتئم بالمقصد الثاني, حيث يتشكل نسيج حبيبي و بعدها يتغطى النسيج الحبيبي بالنسيج الظهاري, فتترك ندبة معيبة جداً ويـتأخر الشفاء.
- الشفاء بالمقصد الثالث هنا يتم خياطة الجرح بشكل ثانوي كما الجروح العقيمة والملوثة بالجراثيم فتعالج لبضعة أيام, و ينظف الجرح بشكل يومي وتعمل أجهزة الدفاع الطبيعية على انقاص عدد الجراثيم, وبعدها يتم تقريب حواف الجرح و خياطته, و الندبة أفضل من الندبة بالمقصد الثاني.
مراحل شفاء الجروح
- المرحلة الأولى
يهدف رد الفعل النسجي الأولي إلى تنظيف منطقة الجرح من الأنسجة المتموتة والأنسجة التي انخفضت ترويتها الدموية بصورة كبيرة لتهيئة الظروف الملاءمة لعملية التجدد النسيجي. يتمثل رد الفعل الوعائي الأولي بحدوث تقبض وعائي لفترة وجيزة يساهم في تخفيف النزف وحدوث عملية الإرقاء الأولي (مرحلة العلقة البيضاء) وتستمر هذه المرحلة حوالي (5-10) دقائق يليها مباشرة توسع وعائي يترافق مع ازدياد النفوذية الوعائية. إن تجمع الصفيحات بين ألياف الفبرين داخل العلقة المتشكلة يلعب دوراً في عملية شفاء الجروح من خلال تحرير هذه الصفيحات لمجموعة من العوامل الهامة كعامل النمو والسيتوكينينات.
- المرحلة الثانية
يبدأ في هذه المرحلة رد الفعل الإلتهابي الذي يتظاهر سريرياً من خلال مجموعة من الأعراض والعلامات: الأحمرار, الإنتباج,ارتفاع الحرارة الموضعي, الألم الذي يتواجد في أغلب الحالات ,قد أضيف حديثاً مصطلح العجز الوظيفي للعضو المصاب. تساهم الاستجابة الإلتهابية في ازدياد النفوذية الوعائية والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى خروج الخلايا وحيدة النوى(Monocytes) والخلايا المحببة العدلة(Neurtophils) إلى الأنسجة المحيطية.
هجرة الخلايا المحببة العدلة إلى مكان الإصابة
تقوم الخلايا العدلة ببلعمة البقايا النسيجية المتموتة والكائنات الحية الدقيقة وبالتالي فهي تشكل خط الدفاع الأولي في وجه الإنتان. إن هجرة الخلايا العدلة من الدم باتجاه الانسجة المحيطية يتناقص تدريجياً إلى أن يتوقف خلال الأيام الأولى القليلة التي تلي الإصابة بشرط أن يكون الجرح غير ملوث. أما في حال استمرار الحالة الإلتهابية الحادة والتي تعود أسبابها إلى مجموعة من العوامل منها الإنتان, نقص الأكسجة الناتج عن الرض أو الناتج عن المعالجة أو العوامل الأخرى التي لها علاقة بنقص الاستجابة المناعية لدى المريض فستتداخل هذه المرحلة مع مرحلة الإستجابة الإلتهابية المتأخرة.
مرحلة الأستجابة الإلتهابية المتأخرة
في هذه المرحلة يبدأ تحول خلايا الـ(Monocytes) إلى خلايا الـ(Macrophages) ويحدث هذا التحول ضمن الأنسجة, حيث تقوم هذه الخلايا البالعة بقتل الأنماط البيكتيرية التي نجت من تأثير الخلايا العدلة ثم تقوم ببلعمتها كما تقوم ببلعمة البقايا النسيجية المتموتة كبيرة الحجم وبقايا الخلايا العدلة المتموتة. بعد ذلك تتحول خلايا الـ(Macrophages) من خلايا إلتهابية إلى خلايا تساهم في شفاء الجرح من خلال إفرازها لوسائط كيميائية بالإضافة إلى عوامل النمو التي تحفز الخلايا على التكاثر وتشكيل القالب الخلوي الضروري لعملية تندب الأنسجة.
المرحلة التكاثرية
إن أهم مايميز المرحلة التكاثرية هو تشكل النسيج الحبيبي وشفاء الجرح من خلال تشكل النسيج البشروي. ومدة هذه المرحلة قد تطول أو تقصر بالإعتماد على حجم الجرح. إن الوسائط الكيميائية وعوامل النمو التي حلت مكان كل من الصفيحات الدموية وخلايا الـ (Macrophages) ستقوم بتحفيز الخلايا الصانعة لليف على الهجرة إلى مكان الجرح ثم تقوم بتنشيطها لإنتاج مجموعة من المواد التي تلعب دوراً أساسياً في شفاء الجروح و التي تتضمن (الغلكوز أمينو غليكان وبصورة رئيسية حمض الهيالورنيك, الكوندرتين 4-سلفات, الديرماتان سلفات,و الهيباران سلفات) بالإضافة لإنتاج الكولاجين من النمط 2 هونمط عديم الشكل (يشبه بقوامه الجيل) إلا أنه يعتبر من مواد القالب الخلوي الضرورية لتحريض الخلايا الصانعة لليف على الهجرة إلى مكان الإصابة. إن نمو الأوعية الدموية باتجاه مكان الأذية يكون مرافقاً للخلايا الصانعة لليف لكي تؤمن الأوعية الجديدة الحاجات الاستقلابية للخلايا الصانعة لليف. وبنفس الوقت تقوم ألياف الكولاجين المتشكلة حديثاً والمترابطة مع بعضها بصورة جيدة بحماية السرير الوعائي الجديد. أما في الحالات التي يكون فيها ارتباط ألياف الكولاجين مع بعضها ضيعفاً يمكن للأوعية حديثة التشكل أن تتمزق بسهولة الأمر الذي يفسر الحالات التي يشكو فيها المريض من نزف غير معلل بالرغم من أن اختبارات تخثر الدم لديه طبيعية.
عمل الخلايا الصانعة لليف
في بداية المرحلة التكاثرية تكون استجابة الخلايا الصانعة لليف ضعيفة وبحدود اليوم الثالث بعد حدوث الأذية تبدأ أعداد الخلايا الصانعة لليف بالإزدياد بشكل ملحوظ كما أن هذه الخلاي تبدأ بإفراز الكولاجين. ومن الملاحظ أن كمية الكولاجين تستمر في زيادة مستمرة حتى الأسبوع الثالث. إن كمية الكولاجين المفرزة في هذه المرحلة هي التي ستحدد مقاومة الشد التي أكتسبها الجرح.
مرحلة القولبة أو إعادة التشكيل
إن المرحلة الأخيرة من عملية شفاء الجرح تتضمن إعادة تنظيم لألياف الكولاجين المتشكلة حديثاً وإعادة تشكيل ألياف الكولاجين بشكل أكثر تشابكاً الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مستمرة في مقاومة الشد التي يكتسبها الجرح. وتستمر عملية إعادة التشكيل أو القولبة لأكثر من سنتين وبالرغم من ذلك فإن الأنسجة الجديدة المتشكلة تكتسب حوالي 40-70% من مقاومة الشد مقارنة بالأنسجة الطبيعية خلال أربعة أسابيع.
العوامل التي تؤخر شفاء الجروح
العوامل العامة
- سوء التغذية.
- الداء السكري.
- القصور الكلوي.
- الأدوية.
- التقدم بالسن.
- أمراض جهاز القلب و التنفس.
- فقر الدم.
العوامل الموضعية
- الأجسام الأجنبية.
- الورم الدموي.
- الجروح الملوثة.
- الانتان.
- هرس حواف الجرح أثناء الخياطة.
الفيتامينات والمعادن الضرورية لشفاء الجرح
فيتامين A Axerophtol
- يقوم الفيتامين A بمجموعة من الوظائف الهامة في الجسم:
حيث يعتبر أحد العناصر الضرورية لنمو العظام و يلعب دوراً هاماً في تحريض النسيج البشروي على التكاثر إضافة إلى دوره الكبير في عملية التمايز الخلوي والاستجابة المناعية للجسم. وقد بينت الكثير من الدراسات العلمية الحديثة أهمية استخدام الفيتامين A في التحضير الغذائي للمريض الذي سيخضع لعمل جراحي إضافة إلى دوره في شفاء في الشفاء الفيزيولوجي الطبيعي للجروح. وقد بينت دراسة علمية أجراها كل من (Ehrlich & Hunt) دور الفيتامين A في كبح تأثير الستيروئيدات القشرية التي تؤخر من شفاء الجروح وخاصة في المنطقة الوجهية. إضافة إلى دور الفيتامين A في تصحيح رد الفعل المناعي الذي ينخفض بعد العمل الجراحي بتأثير وسائط غير ستيروئيدية كما يرفع من معدل شفاء الجروح المصابة بالإنتان بعد العمل الجراحي وقد اقترح (Levenson) الآلية التالية لتأثير الفيتامين A في شفاء الجروح:
- يساهم الفيتامين A في تحفيز المرحلة الإلتهابية المبكرة من خلال زيادة أعداد خلايا البالعة (macrophages) و الخلايا وحيدة النوى(monocytes) الواردة إلى مكان الإصابة, تنظيم فعالية الأنزيم الحال للكولاجين (collagenase) , تحريض خلاي البشرة على التكاثر و مساعدتها على التمايز, يزيد من قوة إرتباط ألياف الكولاجين مع بعضها وبالتالي فهو يرفع من مقاومة منطقة الجرح لقوى الشد يحسن من الاستجابة المناعية في حالات الأذية. وفي دراسة أجراها(Greenwald) تبين أن معدل مقاومة الشد في منطقة الجرح في حال توفر الفيتامين A في الوارد الغذائي بمقدار (15000 وحدة/يوم) كان أعلى بمقدار الضعف من الحالات كان فيها تركيز الفيتامين A أقل من ذلك.
- يرى بعض الباحثين أن الدور الأساسي الذي يلعبه الفيتامين A في شفاء الجروح يتمثل بدوره في زيادة الإرتباط التصالبي بين أليف شبكة الكولاجين المتشكلة في مكان الجرح.
- وتوصي الابحاث الحديثة ومنها البحث الذي أجراه كل من (Levenson & Demetrio) بتعزيز كمية الفيتامين A في الوارد الغذائي قبل وبعد إجراء العمل الجراحي ويتم التأكيد على ضرورة توافر كمية كافية من الفيتامين A في المرحلة التي تسبق العمل الجراحي خاصة عند: المرضى ذوي القدرة المحدودة على الشفاء مثل مرضى الداء السكري والمرضى ذوي الاستجابة المناعية الضعيفة (كالمرضى المعالجين بالستيروئيدات لأكثر من 12 شهر) المرضى المصابين بحالات انتانية شديدة (إنتان الدم, إلتهاب العظم والنقي) المرضى المصابين بأذيات عضلية شديدة المرض المصابين بتمزق في الألياف الرباطية العضلية أو في الأربطة المفصلية المرضى المصابين بكسور شديدة أو متعددة أو المرضى الذين يعانون من نقص الفيتامين A واختلاطاته.
- إلا أن التأثيرات السمية التي تسببها الجرعة العالية من الفيتامين A أثارت قلق بعض الأطباء حول استخدامه قبل العمل الجراحي. وفي هذا السياق بينت الأبحاث أن التأثيرات السمية لا تحدث إلا في حال الاستخدام المديد لفترة تصل إلى أسابيع أو سنوات وبجرعة تتراوح بين 50,000-100,00 وحدة/يوم في أن استخدامه بجرعة 25,000 وحدة/يوم عند البالغين (بإستثناء المرأة الحامل) يعتبر أمناً ومفيداً في عملية الشفاء. ولابد من توخي الحذر عند استعمال الفيتامين A في الحالات التالية:
- في الحالات التي يعتبر فيها تأثير مضادات الإلتهاب الستيروئيدية أمراً ضرورياً لاستمرار الحياة كالإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني.
- المرضى الذين أجري لهم عملية زرع أعضاء (زرع كلية, زرع نقي العظام,..).
- لدى المرأة الحامل أو المرأة التي وصلت إلى مرحلة الولادة.
فيتامين E Tocopherol
- يعتبر أحد العناصر الشائعة الاستخدام للعناية بالبشرة والحد من تشكل الندب التالية للعمل الجراحي. ويتجلى دوره الرئيسي كمضاد أكسدة للجزيئات الشحمية حيث يمنع أكسدة الشحوم الأمر الذي يساهم في جعل الغشاء الخلوي أكثر استقراراً. إن هذا الاستقرار الذي طرأ بسبب التأثير المضاد للأكسدة على الغشاء الخلوي ينعكس أيضاً على استقرار غشاء الجسيمات الحالة ويتشارك الفيتامين E بهذه الآلية في التأثير مع الستيروئيدات القشرية السكرية. وبالتالي فأن تأثيرات الجهازية لكل من الفيتامين E والستيروئيدات القشرية السكرية تتمثل في كبح العملية الإلتهابية وتثبيط عملية تشكل الكولاجين وبالتالي فإن تأثيرهما سيؤدي في النهاية إلى تأخير شفاء الجروح. إن تأثير الفيتامين E على شفاء الجروح تأثير معقد فمن الممكن أن يكون له تأثيرات متناوبة تبعاً للأنماط المختلفة من الجروح وتبعاً لوجود العناصر الغذائية الأخرى بالإضافة إلى وظائفه المختلفة تبعاً لشكل التحضيره على شكل مركبات محبة للماء أو كارهة للماء .
- إن جميع الدراسات التي أجريت حول دور الفيتامين E في شفاء الجروح التالية للعمل الجراحي كانت متضاربة. فبعض الأبحاث التي أجريت مخبرياً على أوتار العضلات أكدت على دور الفيتامين E في الشفاء بل أكدت أن مقاوة الشد في الجروح التي لم تعالج بالفيتامين E انخفضت بمقدار النصف عندما تم فحصها بعد 45 يوم من الشفاء. في حين أن دراسات أخرى بينت انخفاض معدل تشكل ألياف الكولاجين في منطقة الشفاء عند استعمال الفيتامين E. وفي الحالات التي يؤثر فيها الفيتامين E سلباً على شفاء الجرح يشبه دوره بدور الستيروئيدات القشرية. بعض الدراسات التي تم أجراؤها بينت أن مستحضرات الفيتامين E المحبة للماء كان لها أثر إيجابي على شفاء الجروح وزيادة متانة ألياف الكولاجين المتشكلة الأمر الذي انعكس على زيادة مقاومة الشد في منطقة شفاء الجروح.
- نظراً للفعالية الكبيرة للفيتامين E كمضاد أكسدة تعتبر الآفات الجلدية من أهم مجالات استخدامه. وقد بينت الدراسات الأخيرة أن التطبيق الموضعي للفيتامين E يمكن أن يساهم في شفاء الجروح وتحسين النتائج التجميلية للندبة المتشكلة. في حين بينت دراسات أخرى أن استخدام الكريمات الجلدية التي تحتوي على الفيتامين E في سواغها يمكن أن يسبب التهاب جلد تماسي الأمر الذي يؤخر من شفاء الجروح ويسيء إلى تشكل الندبة.
- وبالتالي يمكن أن نلخص المعلومات المتوفرة حتى الأن حول دور الفيتامين E في شفاء الجروح بالنقاط التالية:
- إن الاستخدام الجهازي للفيتامين E يمكن أن يكون له نتائج سلبية على شفاء الجروح نظراً لقدرته على تفعيل الجسيمات الحالة في الأنسجة.
- إن استخدام الفيتامين A يمكن أن يخفف من تأثيراته غير المرغوبة.
- إن مستحضراته الكارهة أو المحبة للماء يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة على شفاء الجروح.
- إن تأثير مستحضرات الفيتامين E المطبقة موضعياً على مكان الجرح لم يحسم حتى الأن وإن كانت بعض الأبحاث العلمية تؤكد على التأثير السلبي للتطبيق الموضعي للفيتامين E على شفاء الجروح وتشكل الندبة.
فيتامين C Ascorbic acid
- يعتبر حمض الأسكربيك عاملاً أساسياً مساعداً في تشكيل الكولاجين والبريتوغليكان وغيرها من المواد التي تساهم في بناء القالب داخل الخلوي لخلايا النسيج الضام في الجلد والعظام وجدار الأوعية الدموية. إن نقص الفيتامين C يتظاهر من خلال تشكل ألياف كولاجين ببنية شاذة وتبدل تركيب القالب داخل الخلوي الذي يبدو تأثيره واضحاً من خلال الآفات الجلدية, ضعف التئام الخلايا البطانية, إضافة إلى انخفاض مقاومة الشد في الأنسجة الليفة المتشكلة.
- إن أهم المظاهر السريرية لنقص الفيتامين C : نزف لثوي, ضعف المناعة وكثرة الإصابات الإنتانية, سهولة التكدم والنزف, تأخر في تندب الجروح و شفاء الكسور العظمية. حيث يلعب هذا الفيتامين دوراً هاماً في هدركسلة الليزين و البرولين الضروري لتشكيل الكولاجين الأولي الذي سيتحول فيما بعد إلى كولاجين ناضج كما أن هدركسلة البرولين تلعب دوراً هاماً استقرار البنية الحلزونية للكولاجين وبالإضافة إلى اصطتناع الكولاجين يلعب حمض الأسكوربيك دوراً هاماً في تحفيز الخلايا العدلة, وتحفيز تشكل الأوعية الدموية, كما يعتبر من مضادات الأكسدة النسيجية القوية, إضافة إلى دوره في ترميم وإصلاح الأنسجة المتأذية.
- قام (Hodges) بإجراء دراسة حول فعالية الفيتامين C في شفاء الجروح: فكانت عينة الدراسة من الأشخاص الذين تراوحت أعمارهم بين (24-33) سنة وقد تم حرمانهم من الفيتامين C لمدة 99 يوم فبدأت أعراض النزف اللثوي لديهم بالظهور. وفي اليوم 100 تم إجراء جرح لمسافة 5سم في المنطقة الفخذية اليسرى لكل منهم و بعد ذلك تم إعطائهم كميات متدرجة من حمض الأسكروبيك (32,16,8,4) ملغ بصورة يومية ثم تم تقييم النتائج من خلال دراسة نسيجية لمنطقة التندب تحت المجهر الإلكتروني فتبين أن جرعة 4ملغ كان لها فعالية مشابهة لفعالية جرعة 32ملغ من حمض الأسكوربيك عند الأشخاص الذين يعانون من نقص الفيتامين C.
- لابد أن نشير إلى ناحية هامة وهي أن جسم الإنسان غير قادر على تخزين الفيتامين C. كما أن هناك بعض الفئات التي تعاني من نقص في الفيتامين C كالمسنين و الكحوليين و متعاطي المخدرات ومرضى سوء التغذية. وقد أشارات الدراسات العلمية الأخيرة إلى انتشار عوز الفيتامين C بصورة متزايدة والخطورة تكمن في أن هذا النقص لم يصل إلى المرحلة التي تبدأ فيها الأعراض والعلامات السريرية بالظهور.
- ومن العوامل التي تساهم في انتشار عوز الفيتامين C الإصابات المرضية الشديدة وطول فترة المعالجة في المشفى إضافة إلى نواحي أخرى كنقص كمية الراتب الغذائي عند كل من الأطفال واليافعين. ولدى متابعة حالة 12 مريض عانوا من نزف منتشر بعد أجراء العمل الجراحي تبين أن السبب يعود إلى نقص كمية حمض الأسكوربيك في مصورة المرضى. وقد تبين أن المرضى الذين ينالون جرعة يومية من الفيتامين C تتراوح بين 250-1000ملغ لن يصابوا بنزوف شديدة أثناء العمل الجراحي ولن يحتاجوا إلى نقل وحدات دم على الأغلب. وبناء على ذلك يؤكد الكثير من الإطباء على ضرورة أخذ نقص الفيتامين C بعين الإعتبار عند وضع التشخيص التفريقي لمريض نازف بعد العمل الجراحي دون أسباب واضحة تتعلق بعوامل التخثر.
- كما يؤكد الكثير من الباحثين على أهمية زيادة جرعة الفيتامين C عند المرضى الذين يعانون من الشدات النفسية أو الأذيات الجسدية. وقد بينت الدراسات الحديثة أن العوامل التي تزيد من قدرة النسج على مقاومة الأكسدة تساهم في شفاء الجروح الأمر الذي ينطبق بالطبع على الفيتامين C.
- وقد لوحظ انخفاض تركيز الفيتامين C في المصورة الدموية في حالة الإصابة بالرضوض أو الجروح. ولدى هؤلاء المرضى في حال وصل تركيز الفيتامين C داخل المصورة إلى الحدود الدنيا الطبيعية ستبدأ الأعراض والعلامات السريرية لنقص الفيتامين بالظهور.
- ولدى إجراء دراسة لمقارنة كمية الفيتامين C الموجودة في أنسجة الجرح مع الكمية الموجودة في الأنسجة في الحالة الطبيعية تبين أن مستوى الفيتامين C قد انخفض بنسبة 60% خلال 14يوم. وفي الجروح ذات الشفاء المتأخر تبين انخفاض مستوى تركيز الفيتامين C مقابل ارتفاع كمية الجذور الحرة الناتجة عن عملية الأكسدة الخلوية والتي يغزى إليها سبب هرم الخلايا في جسم الإنسان والتأخر في شفاء الجروح وخاصة عند المسنين.
- إن التفاعلات الخلوية الجزيئية التي تحدث خلال مراحل شفاء الجرح تعتمد بصورة كبيرة على الاستجابة المناعية حيث أن ضعف الاستجابة المناعية أو الإفراز غير المنظم للسيتوكينينات سينعكس سلباً على شفاء الجرح وكثيرة هي الأمثلة عن ضعف تندب الجروح في حال وجود خلل مناعي. وهنا يكمن الدور الهام للفيتامين C الذي يقوم بتحسين الوظيفة المناعية في الجسم. يلعب مستوى تركيز الفيتامين C في المصورة الدموية دوراً هاماً في تحسين انجذاب الخلايا العدلة باتجاه عوامل الجذب الكيميائي التي تنتجها منطقة الأذية كما يلعب دور في تحفيز الخلايا اللمفاوية على الإنقسام والتمايز. يعتبر بعض الأطباء أن اعطاء كميات كبيرة من الفيتامين C أمراً مستطباً في حال الحاجة إلى شفاء مثالي لمنطقة الجرح (كالجروح التجميلية في منطقة الوجه). وفي الحقيقة إن ارتفاع معدل الاستقلاب الخلوي في منطقة الجرح بصورة طارئة بالإضافة إلى زيادة الحاجة من فيتامين C لعملية اصطتناع الكولاجين جميعها عوامل تدفع باتجاه اعطاء المريض جرعة عالية من الفيتامين C لتأمين شفاء الجرح.
الزنك (Zinc)
- يعتبر هذا العنصر ضرورياً لتفعيل حوالي 300 أنزيم في الجسم. كمايعتبر ضرورياً لعملية اصطناع الـ DNA واصطناع البروتينات ويلعب دوراً وسيطاً في عملية الإنقسام الخلوي ويعتبر ضرورياً لجميع عمليات ترميم وشفاء الجروح. إن نقص الوارد الغذائي من الزنك يترافق مع تأخر التئام الجروح ونقص مقاومة الشد في الجروح الملتئمة ويعود السبب إلى ضعف تشكل البروتين والكولاجين خلال مراحل شفاء الجرح. وقد بينت الأبحاث أن مستوى الزنك يرتفع بحدود 50% أثناء شفاء الجروح. إن الحاجة القصوى للزنك تكون خلال المرحلة الإلتهابية حيث أن مستوى الزنك في منطقة الجرح يبدأ بالزيادة حتى يصل إلى الذروة في اليوم الخامس من حدوث الإصابة حيث تكون المرحلة الإلتهابية في أوجها والنسيج الضام بدأ بالتشكل والخلايا البشروية قد بدأت بالإنقسام ويتراجع مستوى الزنك تدريجياً حتى يصل إلى المستوى الطبيعي في اليوم السابع حيث تكون العملية الإلتهابية قد تراجعت إلى حد كبير. وهنا تكمن أهمية تزويد المريض بالجرعات الازمة من الزنك قبل وبعد العمل الجراحي.
- إن حالات نقص الزنك واسعة الإنتشار وأكثر الاشخاص عرضة لنقص الزنك هم المرضى المصابين بالرضوض والجروح. ويشير بعض الباحثين إلى أن انخفاض مستوى الزنك خلال الأشهر القليلة التالية للعمل الجراحي قد يكون سببها وجود ناسور أو بسبب حالات الإسهال التي تصيب المريض. ومن الحالات التي يشاهد فيها نقص الزنك بشدة هي حالات الحروق من الدرجة الثانية أو الثالثة بالإضافة إلى القرحات المزمنة التي تصيب منطقة الساق وتصل حتى مستوى مستوى الأوردة (كقرحات الاستلقاء التي تؤدي إلى خشكريشة موضعية) أي أن جميع الحالات التي تؤدي إلى استنفاذ طاقة الجسم في عملية الترميم تتطلب وجود الزنك. إن أحد مبررات تزويد المريض بالزنك قبل التعرض للعمل الجراحي هوغياب التأثيرات السمية لهذا العنصر في حال تم استخدامه بجرعات معتدلة لا تزيد عن 30ملغ/يوم بالإضافي إلى الأدلة التي تشير إلى الدور الكبير للزنك في شفاء الجروح.
- إلا أن الجرعات العالية من الزنك تعتبر طبيعية في الحالات التالية:
- المرض الذين يعانون من سوء التغذية.
- المرضى الذين يعانون من سوء الامتصاص.
- المرضى الذين يعانون من الإسهالات المزمنة.
دور البروتينات في شفاء الجروح
- تعتبر البروتينات أهم عامل في شفاء الجروح. ففي الحالات التي يعاني فيها المرضى من عوز البروتينات يلاحظ تأخر في شفاء الجروح عند هؤلاء المرضى وقد لوحظ أن نقص البروتين يساهم في إطالة مدة المرحلة الإلتهابية من خلال تثبيط اصطتناع ألياف الكولاجين الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى نقص مقاومة الشد في منطقة الشفاء وتثبيط اصطتناع البروستاغلاندينات. كما يؤخر تشكل الأوعية الدموية الجديدة في مكان الإصابة خلال المرحلة التكاثرية.كما لوحظ أنه يؤثر سلباً على مرحلة اعادة التشكيل أو القولبة أي المرحلة الأخيرة من شفاء الجرح وبذلك يشمل تأثير نقص البروتين كافة مراحل شفاء الجرح.
- في دراسة تم اجرأها على 108 مريض مصابين بجروح أو رضوض مختلفة تبين أن معدل الوفيات قد ازداد بين المرضى الذين كانوا يعانون من نقص في البروتينات والحريرات. وبالتالي كانت التوصيات المقترحة بزيادة الوارد الغذائي من البروتينات الأمر الذي يحسن من شفاء الجروح, فعالية الجملة المناعية, التخفيف من الاختلاطات التالية للعمل الجراحي. إن تزويد المرضى المتقدمين بالسن والعاجزين عن الحركة بالبروتينات عبر التسريب الوريدي له نتائج ممتازة في تحسين شفاء قرحات الاستلقاء. وقد لوحظ أن مقدار التحسن في هذه القرحات يتعلق بكمية البروتين المقدمة من خلال الوجبات الغذائية. أن حاجة المريض الذي تعرض لعمل جراحي من البروتينات تفوق حاجة الإنسان المعافى ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع معدل الاستقلاب في مناطق التداخل الجراحي بالاضافة إلى حاجة العضلات للحموض الأمينية لأن الجسم في حالات الأذية يأخذ حاجته من الحموض الأمينية من العضلات ويحولها باتجاه الكبد لاصطتناع السكر الضروري لعمل خلايا الجسم. في الحالات الطبيعية يحتاج الشخص البالغ 0,8ملغ/كغ من الوزن في اليوم. في حين أن المتقدمين بالسن بحاجة إلى (1-1,2)ملغ/كغ من الوزن بصورة يومية نظراً لانخفاض القدرة ليهم على توليد البروتينات.
- أما المرضى المصابين بأذيات رضية أو خضعوا لعمل جراحي فهم بحاجة إلى كميات أعلى من البروتينات. ففي الحالات التي يتعرض فيها المرضى ذو الصحة الجيدة لجراحات كبرى فإن حاجتهم من البروتينات تزداد بمقدار 10% أي أن حاجتهم من البروتين تصبح بحدود 0.88ملغ/كغ من الوزن بشكل يومي. أما بالنسبة للمرضى الذين يعانون من عوز البروتين والذين سيتعرضون لجراحة كبرى تزداد حاجتهم بمقدار 75% أي أن مقدار الحاجة اليومية يصبح 1,4ملغ/كغ من الوزن. أما في حالات الإصابة بالحروق حيث ترتفع معدلات الاستقلاب بصورة كبيرة فتزداد حاجة المريض من البروتينات بمقدار 100%.
- من المؤكد التأثير الإيجابي للبروتينات على شفاء الجروح الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال زديادة استهلاك الأنسجة للبروتينات خلال مرحلة شفاء الجرح. لذلك فقد ركزت الأبحاث في الأونة الأخيرة على دور الحموض الأمينية في شفاء الجروح وتم التركيز على كل من الأرجنين والغلوتامين نظراً لارتفاع تركيزهما في أنسجة الجرح خلال مرحلة الشفاء.
الحمض الأميني (الأرجنين)
- لايعتبر الأرجنين أحد الحموض الأمينية التي تلعب دوراً أساسياً في تركيب البروتين وبالرغم من ذلك يلعب دوراً رئيسياً في شفاء الجروح. ويحصل عليه الجسم من مصدرين:
- المصدر الاول عن طريق الغذاء.
- أم المصدر الثاني فهو مصدر ذاتي من الجسم عن طريق السيترولين وهو مستقلب كبدي للبولة ويتم ذلك بوجود الأنزيم المولد للأرجنين. وقد بينت الأبحاث أن وجود كمية كافية من الأرجنين يعتبر ضرورياً لشفاء الجروح بصورة مثالية كما يعتبر ضرورياً للحفاظ على فعالية الجملة المناعية في الجسم.
- ويتم اعطاء الأرجنين للمرضى الذين سيخضعون لجراحة كبرى ومعدل أعمارهم لايزيد عن 65سنة بمقدار 17غ/يوم. وبينت أحدى الدراسات التي أجريت على المرضى الذين خضعوا لعمل جراحي وكانوا قد زودوا بالأرجينين أن معدل تشكل الهيدروكسي برولين قد ازداد بشكل كبير وهو أحد الإشارت المخبرية الهامة على تشكل ألياف الكولاجين. أما على مستوى الجملة المناعية فقد لوحظ ازدياد في فعالية ونشاط الجملة المناعية الأمر الذي بدا واضحاً من خلال ازدياد فعالية واستجابة الخلايا اللمفاوية للحالات الإنتانية. كما لوحظ ارتفاع مستوى(insulin-like growth factor-1) وهو عامل النمو المشبه بالأنسولين و المفرز من الكبد الذي يعتبر العامل المسيطر على تركيب الجزيئات الضرورية لشفاء الجروح.
دور الحمض الامييني (الغلوتامين)
- يلعب الغلوتامين دورراً حاسماً في عملية شفاء الجرح حيث يعتبر مركباً ضرورياً للخلايا المشاركة في المرحلة اللإلتهابية من أجل عملية التضاعف و الإنقسام الخيطي خلال مرحلة تكاثرهذه الخلايا كما يعتبر أحد مصادر الطاقة الهامة والضرورية لعمل الخلايا. أما بالنسبة للخلايا الصانعة لليف يعتبر ضرورياً من أجل عملية اصطتناع الحموض النووية (DNA,RNA) الضرورية لتركيب البروتين الضروري لاصطتناع ألياف الكولاجين بالإضافة إلى دوره السابق كمصدر للطاقة. ونظراً لحاجة الخلايا السابقة لهذا الحمض الأميني بشكل أساسي لأداء وظائفها ولكون هذه الخلايا تلعب دوراً كبيراً في شفاء الجروح لذلك يعتبر هذا الحمض أساسياً في عملية الشفاء. وقد لوحظ أن كمية الغلوتامين التي يتم الحصول عليها من العضلات الهيكلية بشكل تالي للإصابات الرضية أو بعد العمل الجراحي لتأمين متطلبات الأنسجة من الغلوتامين تؤدي إلى سد احتياجات الأنسجة من الغلوتامين الأمر الذي ينقص من الامتصاص المعوي لهذا الحمض الأميني وهنا تكمن أهمية تزويد المريض الذي سيخضع للعمل الجراحي بكمية كافية من الحموض الأمينية الضرورية.
- بحثت العديد من الدراسات في تأثير الغلوتامين المعطى قبل وبعد العمل الجراحي على عملية الشفاء, فتبين أن تأثيرات الغلوتامين المعطى عن طريق الفم كانت محدودة في رفع نسبة الغلوتامين المصوري كما كانت تأثيراته محدودة على عملية استقلاب النتروجين. في حين أعطى التسريب الوريدي للغلوتامين تأثيرات بالغة الأهمية في تحسين عملية شفاء الجروح كما تبين أنه انقص من فترة بقاء المريض في المشفى إلى 4أيام أو أقل بعد اجراء العمل الجراحي. ولابد أن نشير إلى أن مجموعة من الاختلاطات قد ظهرت بعد استخدام الغلوتامين عند المرضى المصابين بالرضوض شديدة, فقد لوحظ ارتفاع معدل حدوث الإلتهابات الرئوية, تجرثم الدم والإنتانات المتعددة.
- أما استخدام الغلوتامين عند المرضى غير المصابين بأذيات شديدة بشكل تالي للعمل الجراحي كان له دور كبير في شفاء الجروح. ولإختبار فعالية البروتينات في عملية شفاء الجروح تم اجراء الدراسة التالية:
- تم اعطاء 18 مريض مزيج مكون من الأرجنين (14غ/يوم), غلوتامين (14غ/يوم), بيتا_هيدروكسي_بيتا ميتيل البيترات (3غ/يوم) بعد أن تم زرع أنبوب معقم من (polytetrafluoroethylene) تحت الجلد لاختبار مقدار تشكل الكولاجين.فكانت النتائج مذهلة حيث تشكلت ألياف الكولاجين بكمية كبيرة في مكان الجرح مقارنة بالمرضى الذين لم يعطوا المزيج السابق من الحموض الأمينية.
- الأمر الذي يؤكد بشكل حاسم على أهمية الأرجنين والغلوتامين في شفاء الجروح.
الدور المكمل للعناصر الغذائية الأخرى في شفاء الجروح
البرمولين (أنزيم البرولاكتيك)
- البرومولين هو مصطلح عام يشير إلى عائلة كبيرة تضم العديد من الأنزيمات الحالة للبروتين والتي يعود أصلها النباتي إلى ثمرة الأناناس. أجريت بين عامي 1960 و 1970 العديد من الأبحاث والدراسات العلمية حول الفعالية الدوائية لهذه الأنزيمات وقد تبين أن لها دور كبير في تخفيف الوذمة والكدمات و الألم التالي للعمل الجراحي بالإضافة إلى دورها في تسريع شفاء الرضوض والجروح بعد العمل الجراحي. وقد بينت دراسة أجريت مؤخراً في جمهورية التشيك الأثر الكبير لهذه الأنزيمات حيث قارنت الدراسة بين مجموعتين من المرضى المصابين بكسور متبدلة في العظام الطويلة وقد خضع هؤلاء المرضى إما إلى تثبيت داخلي من خلال الصفائح العظمية أو إلى تثبيت خارجي باستخدام إطار التثبيت وتمت معالجة المجموعة الأولى: بالأنزيمات الخمائرية الحالة للبروتين من خلال اعطائهم مضغوطات ذات عيار90ملغ ثلاث مرات يومياً لمدة ثلاثة أيام ثم مرتين يومياً لمدة أسبوعين بعد العمل الجراحي في حين تم الإعتماد على الطرق الفيزيائية في معالجة المجموعة الثانية من المرضى. وتم تقيم الحالة على مدى 40يوم فتبين أن الوذمة انخفضت بمقدار 17% في المجموعة الأولى مقابل 9% في المجموعة الثانية. كما لوحظ انخفاض كبير في معدل استخدام المسكنات لدى مرضى المجموعة الأولى مقابل مرضى المجموعة الثانية.
- كما أظهرت الدراسات الدور الكبير في تخفيف الوذمة والألم التالي للجراحة السنية. ففي دراسة أجراها (Tassman) حول تأثير البرومولين على الوذمة والألم التالي للمعالجة السنية الجراحية (قلع الأسنان الجراحي, الجراحات الثوية,..) كانت النتائج على الشكل التالي:
تراجعت الوذمة خلال 3 أيام لدى المرضى المعالجين بالبرومولين مقابل 7 أيام للمرضى الذين لم يعالجوا بالبرومولين, أما على صعيد الألم التالي للعمل الجراحي فد تراجع الألم عند عينة المرضى المعالجين بالبرومولين خلال 5أيام مقابل 8أيام للمرضى غير المعالجين به. وقد أوصى (Tassman) باستخدام البرومولين قبل وبعد اجراء العمل اجراحي .كما بينت الدراسات دور البرومولين في تخفيف الألم التالي للإصابات الشديدة في الجهاز العضلي الهيكلي ككسور العظام المترافقة مع تمزق عضلي شديد وربما يعود السبب وراء تخفيف الألم إلى فعاليته المضادة للإلتهاب إضافة إلى تأثيره المباشر في التسكين. كما يمتاز بقدرته على ارتشاف الورم الدموي في حال تشكله بشرط أن يبدأ الاستخدام في يوم تشكل الورم الدموي مع الاستمرار بالمعالجة لمدة 7أيام.
- وفي دراسة مقارنة أجراها (Seltzer) على المرضى الذين خضعوا لعمليات تجميل أنف تبين أن المرضى الذين استخدموا البرومولين بعد العمل الجراحي تراجعت الوذمة لديهم خلال يومين مقابل 7أيام للمرضى الذين لم يعالجوا بالبرومولين.
- وقد أظهرت دراسة حديثة أن البرومولين يساهم في التخفيف من تجمع الصفيحات عند المرض الذين يعانون من ارتفاع معدل تجمع الصفيحات الدموية أو لديهم قصة سابقة لاحتشاء دماغي أو احتشاء عضلة قلبية دون أن يؤثر ذلك على تشكل العلقة في مكان الجرح حيث أنه يعيد معدل التجمع الصفيحي إلى قيمته الطبيعية الأمر الذي زاد من أهمية استخدامه بعد العمل الجراحي. أما لدى استخدامه عند مجموعة من المرض يعانون من اضطرابات جهازية متعددة تؤدي إلى حدوث الوذمة فلم يكن هناك أي تأثير للبرومولين (40ملغ أربعة مرات يومياً لمدة أسبوع) على تخثر الدم أو على زمن البروترومبين. إن استخدام البرومولين قبل العمل الجراحي لم يحسم حتى الأن ويحتاج إلى المزيد من الدراسة ولكن في حال استخدامه فلابد من توخي الحذر.
الغلكوزأمينات (حمض الهيالورنيك)
- يعتبر حمض الهيالورينيك أحد أهم مكونات القالب خارج الخلوي وأحد أهم الغليكوزأمينو غليكانات المفرزة خلال مرحلة شفاء الجروح. إن افراز الخلايا المصورة لليف للحمض الهيالوريني خلال المرحلة التكاثرية من شفاء الجروح يحرض كل من الخلايا البشروية والخلايا الصانعة لليف على الهجرة في منطقة الإصابة بالإضافة إلى أنه يعتبر أحد أهم المواد المحرضة على حدوث الإنقسام الخيطي.
- يعتبر الغلكوزأمين الركيزة الأساسية في اصطتناع الحمض الهيالوريني. ففي دراسة مخبرية تم نشرها مؤخراً تم اقتراح الآلية التي تساهم من خلالها الغلكوزأمينات في عملية شفاء الجروح فقد تبين أن الغلكوزأمين يحرض على اصطتناع الغليكوزأمينوغليكان الذي يعتبر القالب الرئيسي للمادة خارج الخلوية وتحفيز الخلايا الصانعة لليف على اصطتناع ألياف الكولاجين كما تبين أن مستويات الغليكوزأمينوغليكان ترتفع بشدة خلال 5أيام الأولى التالية لحدوث الإصابة وبعد ذلك تبدأ بالانخفاض تدريجياً وهذا الارتفاع يعتبر أحد أهم الأدلة على مساهمة الغلكوزأمينوغليكان في شفاء الجروح. إلا أنه وحتى الأن لم يستخدم الغليكوزأمينوغليكان على نحو واسع في تحضير المريض غذائياً قبل اجراء العمل الجراحي. وقد بينت بعض الأبحاث أن استخدام الغليكوزأمينوغليكان سواء تم قبل أم بعد اجراء العمل الجراحي أو حتى بعد الإصابة بالرضوض فإن تأثيره في كلا الحالتين متشابه على شفاء الجروح.
- يمكن أن نجمل أهم تأثيرات الغلكوزأمينوغليكان على شفاء الجروح بالنقاط التالية:
- يساهم في تعزيز انتاج الحمض الهيالوروني في أنسجة الجرح.
- يساهم في تسريع شفاء الجروح ومن المقترح أن له دوراً في التقليل من الاختلاطات التالية لشفاء الجروح كتشكل الندب المعيبة.
طرائق اعطاءالتغذية الداعمة للمريض
تم في الاونة الأخيرة تطوير مجموعة من طرائق تزويد المرضى بالاحتياجات الغذائية:
التغذية الداخلية
ويقصد بها التغذية التي تقدم للمريض عن طريق الجهاز الهضمي وتقسم إلى:
- التغذية على المدى البعيد
- تفميم المعدة.
- تفميم الصائم.
- التغذية على المدى القصير
- التغذية بالإنبوب الأنفي المعدي.
- التغذية بالإنبوب الأنفي الأثني عشري.
- التغذية بالإنبوب الأنفي الصائمي.
التغذية المحيطية
ويقصد بها التغذية المقدمة للمريض عبر الطريق الوريدي. وهي :
- تغذية محيطية عبر أحد الأوردة المحيطية (أوردة الأطراف العلوية أو السفلية).
- تغذية محيطية عبر أحد الأوردة المركزية.
التغذية الداخلية
تعتبر التغذية عبر الطريق المعوي هي الطريقة المفضلة لدى أكثر الأطباء (بشرط سلامة المعي وقدرته على القيام بوظائفه بصورة طبيعية) بالرغم من تكلفتها العالية نسبياً تعتبر الطريقة الأكثر أماناً و الأكثر تقبلاً من الناحية الفيزيولوجية. ويمكن أن نلخص فوائد هذه الطريقة بالنقاط التالية:
- أكثر تقبلاً من الناحية الفيزيولوجية.
- إن مدى فعالية الاستقلاب واستفادة الخلايا في هذه الطريقة أكبر من طريقة التغذية المحيطية.
- يتم مرور المواد الغذائية على كل من الامعاء الدقيقة والكبد قبل وصولها إلى الدوران المحيطي.
- يحافظ الكبد على توازن الحموض الأمينية الواردة والحموض الأمينية الموجودة في النسيج العضلي.
- الدور الدفاعي من خلال المراقبة التي تفرضها الأمعاء على مرور العناصر الغذائية وبالتالي تمنع مرور البيكتريا من الأمعاء.
- التخفيف من الاختلاطات المترافقة مع التغذية المحيطية:
- الإنتان في منطقة إنبوب القثطرة والذي ينتهي بإلتهاب الوريد الخثري.
- استرواح الصدر.
- الصمات المسببة بالقثطرة.
- تهتك جدارالوريد المستخدم في التغذية المحيطية.
مضادات استطباب التغذية الداخلية
- حاجة المريض للتغذية لفترة تقل عن 5 -10أيام.
- إلتهاب البنكرياس الحاد.
- وجود نواسير فعالة في المنطقة المجاورة.
- عدم القدرة على الحصول على منفذ مناسب.
- حالات الإسهال المعند.
التغذية المحيطية
- تعتمد هذه الطريقة بصورة رئيسية على ادخال العناصر الغذائية عبر الطريق الوريدي. وتستخدم في الحالات لتي لا يمكن فيها تأمين التغذية عن طريق الطريق المعدي المعوي.
- ويمكن أن تستخدم كطريقة تغذية طويلة المدى في بعض الحالات لدى المرضى المصابين بأذيات معوية. ولهذه الطريقة محاذيرها:
- أزوتيمية دموية.
- قصور قلب احتقاني.
- اضطراب شوارد.
- أذيات رئوية.
- وفي حال تم اعتماد الصيغة المركزة لابد من استخدام التسريب عبر الاوردة المركزية.
والصيغة المركزة تحتوي:
- الكربوهيدرات على شكل غلكوز.
- البروتينات على شكل حموض أمينية.
- الليبدات على شكل شحوم ثلاثية.
- الفيتامينات والمعادن النادرة والكهارل.
- وفي حال اعتماد صيغةغذائية أقل تركيزاً يمكن الاعتماد على الاوردة المحيطية في التسريب الغذائي. ويتم استخدام التسريب عبر الأوردة المركزية لفترة زمنية محدودة لاتجاوز الإسبوعين نظراً لانخفاض لقدرتها المحدودة على التحمل.
التغذية المختلطة
يمكن في بعض الحالات الاعتماد على المشاركة بين التغذية الداخلية (أو التغذية عن طريق الفم) والتغذية المحيطية. وكمثال على ذلك المرضى الذين لاتستدعى حالتهم الاعتماد الكلي على التغذية الداخلية.
البروتكول المعتد في تغذية المريض قبل وبعد العمل الجراحي
لابد أن نراعي ملاحظة هامة أثناء تحضير المريض لعمل جراحي وهي أن يمتنع المريض عن تناول الطعام لفترة لا تقل عن (6) ساعات وعن تناول الماء والشراب لمدة (4) ساعات قبل العمل الجراحي.
العناصر الغذائية الواجب توافرها في الأطعمة المقدمة للمريض قبل العمل الجراحي
العنصر الغذائي | الجرعة | التأثير |
---|---|---|
فيتامين A | 25000 وحدة/يوم | يعزز المرحلة الإلتهابية الأولية و يدعم تمايز الخلاياالبشروية كما يحسن من وظائف الجملة المناعية . |
الفيتامين C | 1 - 2 غ/يوم | ضروري لعملية اصطتناع البروتين وتشكيل البروتيوغليكان, ويعتبر من مضادات الأكسدة الهامة بالإضافة إلى تعزيز الإستجابة المناعية. |
الزنك | 15 – 30 غ/يوم | يعتبر ضرورياً لعملية اصطتناع البروتين والحموض الأمينية و الإنقسام الخلوي. |
الغلكوزأمينات | 1500 ملغ/يوم | يعزز اصطتناع الحمض الهيالوريني داخل أنسجة الجرح. |
البروتينات | الحد الأدنى 0,8 غ/كغ/يوم | يمنع تأخرشفاء الجروح ويقلل من الاختلاطات التالية للعمل الجراحي. |
يتم اتباع هذه الحمية الغذائية قبل 14يوم من العمل الجراحي.
العناصر الغذائية الواجب توافرها في الأطعمة المقدمة للمريض بعد العمل الجراحي
العنصر الغذائي | الجرعة |
---|---|
الفيتامين A | 25000 وحدة/يوم |
الفيتامين C | 1 - 2 غ/يوم |
الزنك | 15 – 30 غ/يوم |
الغلكوزأمينات | 1500 ملغ/يوم |
البروتينات | الحد الأدنى 0,8 غ/كغ/يوم |
البرومولين | 500 – 1000 ملغ/يوم
حيث يقلل من الوذمة التالية للعمل الجراحي كما يخفف من الألم وتشكل الورم الدموي ويسرع بالتالي من شفاء الجروح. |
يتم اتباع هذه الحمية الغذائية بدءاً من يوم حدوث الأذية أو يوم العمل الجراحي وحتى إكتمال شفاء الجروح.،