أليل
د. زيد الهبري |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
أليل الأليل (بالإنكليزية allele أو allel) أحد الأشكال المختلفة للجين ذاته أو الموضع الجيني ذاته، ويمكن لأليلات مختلفة أحيانًا أن تؤدي لصفات ظاهرية ملحوظة مختلفة، مثل اختلاف الاصطباغ، لكّن مُعظم الاختلافات الجينية تلك لا تؤدي لاختلافات ملحوظة أو تؤدي لاختلافات ضئيلة.
تمتلك معظم الكائنات متعددة الخلايا مجموعتين من الصبغيّات (كروموسومات)؛ أي أنها ضعفانية diploid، وتدعى هذه الصبغيّات بالصبغيّات المُتماثلة homologous chromosomes. إن كان كلا الأليلان في موضع (أو جين) على الصبغيات المُتماثلة متطابقان، يُعد حينها الأليان والكائن متماثلي الزيجوت (متماثلي اللواقح homozygous) بالنسبة لذلك الجين، وإن كان الأليلان مختلفين، فهما والكائن متغايري الزيجوت (متغاير اللواقح heterozygous) بالنسبة لذلك الجين.
كلمة أليل allele عبارة عن اختصار لكلمة allelomorph (تعني الشكل الآخر وهو مصطلح وضعه ويليام باتيسون)، وهو المصطلح الذي استعمل في الفترة الأولى من علم الجينات لوصف الأشكال المُختلفة للجين التي تُكشف على هيئة أشكال ظاهرية مختلفة، والمُصطلح مُشتق من البادئة الإغريقية allel وتعني "المُتبادل" أو "الأحد الآخر"، والتي تتعلق بدورها بالصفة بالإغريقية allos المُقاربة للكلمة اللاتينية alius، وتعني "آخر".
الأليل السائد والمُتنحّي
يُمكن وصف التآثر الجيني في كثير من الأحيان بين أليلين في موضع جيني باعتباره سائد أو متنحّي، تبعًا لأيّ النمطين الظاهرين متماثلي الزيجوت يُمثله الزيجوت المُتغاير بصورة أكبر، فعندما يكون الزيجوت المتغاير غير قابل للتمييز عن إحدى متماثلي الزيجوت، يُسمى عندها الأليل المُكتنف بالسائد dominant بالنسبة للأليل الآخر، والذي بدوره يُسمى مُتنحّ recessive بالنسبة للأول. تتنوّع درجة وطراز السيادة dominance بين المواضع الجينية، ووصف هذا النمط من التآثر أولًا من قبل غريغور مندل، لكنّ كثيرًا من الصفات ترفض هذا التصنيف البسيط وتصاغ لذلك الأنماط الظاهرية تبعًا للسيادة المُشتركة co-dominance والوراثة متعددة الجينات polygenic inheritance.
يُستعمل مُصطلح "النمط البرّي wild type" أحيانًا لوصف الأليل الذي يُعتقد بأنّه يُسهم بالصفة الظاهرية النمطية كما وفقما يُشاهد في المجهرات "البرية" من الكائنات، مثل ذباب الفاكهة (ذبابة الفاكهة سوداء البطن Drosophila melanogaster). اعتبر هذا "النمط البرّي" تاريخيًا بأنّه السائد، والشائع، والطبيعي، بعكس الأليلات "الطافرة mutant" التي اعتبرت مُتنحّية ونادرة وكثيرًا ما تكون ضارّة. اعتقد سابقًا أنّ مُعظم الأفراد متماثلي الزيجوت لأليل "النمط البرّي" في معظم المواضع الجينية، وأنّ أيّ أليل "طافر" بديل يُعثر عليه بشكل متماثل الزيجوت لدى أقلية صغيرة من الأفراد "المُتأثرين"، وغالبًا على هيئة أمراض جينية، وبصورة أكبر بشكل زيجوت متغاير لدى "الحاملين carriers" للأليل الطافر. من المعروف الآن أنّ معظم أو جميع المواضع الجينية مُتعدّدة الأشكال polymorphic بدرجة كبيرة، مع أليلات متعددة، والتي يختلف تكرارها من جمهرة إلى أخرى، وأنّ قدرًا كبيرًا من الاختلافات الجينية مُخبّأة على هيئة أليلات لا تعطي اختلافات واضحة في النمط الظاهري.
الأليلات المتعددة
تتضمن الجمهرة أو النوع من الكائنات نموذجيًا أليلات متعددة في كل موضع فيما بين الأفراد المُختلفين. الاختلاف الأليلي في موضع ما قابل للقياس على شكل عدد الأليلات (تعدد الأشكال) الموجودة، أو نسبة متغايري الزيجوت في الجمهرة. الأليل المعدوم null allele هو شكل جيني آخر يفتقد لوظيفة الجين الطبيعية بسبب عدم التعبير عنه أو لأنّ البروتين المُعبّر عنه مُعطّل.
على سبيل المثال في الموضع الجيني لمُستضدات الكربوهيدرات للزمر الدموية ABO لدى البشر، حُدّدت ثلاث أليلات وهي IA وIB وi، والتي تحدّد تلاؤم نقل الدم. يمتلك كل شخص إحدى الأنماط الجينية الستة التالية: (IAIA، وIAi، وIBIB، وIBi، وIAIB، وii) والتي ينتج عنها واحدة من أربع صفات ظاهرية ممكنة. "النمط A" (ينتج من النمطين الجينيّين متماثل الزيجوت IAIA ومتغاير الزيجوت IAi)، و"النمط B" (ينتج من النمطين الجينيّين متماثل الزيجوت IBIB ومتغاير الزيجوت IBi)، و"النمط AB" (ينتج من النمط الجيني متغاير الزيجوت IAIB)، و"النمط O" الذي ينتج من النمط الجيني متماثل الزيجوت ii.
يُعرف الآن أنّ كل من الأليلات A وB وO هي بالحقيقة فئة من الأليلات المتعدّدة ذات تتاليات دنا مختلفة والتي تنتج بروتينات ذات خواص متطابقة: يعرف الآن أكثر من 70 أليلًا في موضع ABO. لذلك الفرد ذو الزمرة الدموية A قد يكون متغاير الزيجوت AO، أو متماثل الزيجوت AA، أو متغاير الزيجوت AA ذو أليلين “A” مختلفين.
Multiple alleles
تكرار الأليل والنمط الجيني
المقالة الرئيسية: تكرار الأليل
يُمكن الاعتماد على تكرار الأليلات في الجمهرة الضعفانية لتوقّع تكرار الأنماط الجينية المُوافقة لها (اطلع على مبدأ هاردي – واينبيرغ). من أجل نموذج بسيط من أليلين:
p + q = 1
p2 + 2pq + q2 = 1
حيث p هي تكرار لأليل معيّن و q هي تكرار الأليل البديل، ومجموعهما يجب أن يُساوي الواحد. عندها p2 هو القسم من الجمهرة مُتماثل الزيجوت للأليل الأول، و2pq هو القسم مُتغاير الزيجوت، وq2 هو القسم متماثل الزيجوت للأليل البديل. إن كان الأليل الأول سائدًا بالنسبة للأليل الثاني عندها يكون القسم من الجمهرة الذي يُظهر النمط الظاهري السائد هو p2 + 2pq، والقسم ذو النمط الظاهري المُتنحّي يساوي q2.
مع ثلاثة أليلات:
p + q + r = 1 و
p2 + q2 + r2 + 2pq + 2pr + 2qr = 1
في حالة الأليلات المتعددة في موضع ضعفاني، يُعطى عدد الأنماط الجينية المُمكنة (G) ذات عدد أليلات (a) بالمُعادلة:
G= (a(a+1))/2
السيادة الأليلية في الاضطرابات الجينية
يحدث عدد من الاضطرابات الجينية عندما يرث الفرد أليلين متنحيين خاصين بصفة وحيدة الجين. تتضمن الاضطرابات الجينية المتنحية المَهَق (البرص Albinism)، والتليّف الكيسي Cystic Fibrosis، والغالاكتوسيميا Galactosemia (وجود الغالاكتوز في الدم)، وبيلة الفينيل كيتون Phenylketonuria (PKU)، وداء تاي زاكس Tay-Sachs Disease. تحدث اضطرابات أخرى أيضًا بسبب أليلات متنحية، لكن بسبب وجود الموضع الجيني على الصبغي X، وبذلك يحمل الذكور بالتالي نسخة واحدة فقط (أي أنّهم أحاديي الزايجوت hemizygous)، تكون تلك الاضطرابات الجينية أكثر تكرارًا لدى الذكور مقارنة بالإناث. تتضمن الأمثلة على ذلك عمى اللون الأحمر والأخضر ومُتلازمة الصبغي X الهش.
تحدث اضطرابات جينية أخرى مثل داء هنتنغتون عندما يرث الفرد أليلًا سائدًا واحدًا فقط.
الأليلات الفوقية Epialleles
بينما تدرس الصفات الموروثة نمطيًا من حيث الأليلات الجينية، فالواسمات فوق جينية epigenetic مثل مثيلة الدنا يُمكن أن تورّث في نواحي جينومية مخصصة لدى أنواع مُعيّنة من الكائنات، وهي عملية تسمى بالوراثة فوق جينية العابرة للأجيال. يُستعمل المُصطلح الأليل الفوقي epiallele لتمييز تلك الواسمات الموروثة عن الأليلات التقليدية، والتي تُحدّد بتتالي النوكليوتيدات. اكتشفت فئة خاصة من الأليلات الفوقية، الأليلات الفوقية شبه المُستقرة metastable epialleles، في الفئران والبشر والتي توصف بتأسيس عشوائي (احتمالي) للحالة فوق الجينية والذي يُمكن أن يُورّث بالانقسام الفتيلي.