عرض مصدر فيزياء

{{فيزياء عامة}}
[[ملف:Meissner effect p1390048.jpg|تصغير|[[مغناطيس]] يسبح في الفضاء فوق [[موصلية فائقة|موصل فائق]]، مظهرًا [[مفعول ميسنر]].]]
[[ملف:Laser optique.jpeg|تصغير|شعاع [[ليزر]] يمر عبر نظام [[بصريات|بصري]].]]

'''الفيزياء''' (من ال[[إغريقية]]  φυσική &rlm;{{أصد|/fi.si.ˈki/}} "[المعرفة] الطبيعية"؛ وبالعربية '''علم الطبائع'''؛ وتسمّى أحياناً '''الفيزيقا'''<ref>مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مجموعة المصطلحات العلمية والفنية، المجلد الثاني والأربعون، ٢٠٠٢م</ref>) هي [[علم|العلم]] الذي يدرس كل ما يتعلق [[مادة|بالمادة]] و[[حركة (فيزياء)|حركتها]].
<ref>
مقولة مجازية تنسب للفيلسوف الفرنسي [[ديكارت]]: "أعطني المادة والحركة، وسأبني لك الكون." 
</ref>
بالإضافة إلى مفاهيم أخرى [[مكان (فيزياء)|كالفضاء]] و[[زمن|الزمن]]، ويتعامل مع خصائص كونية محسوسة يمكن قياسها مثل [[قوة|القوة]] و[[طاقة|الطاقة]] و[[كتلة|الكتلة]] و[[شحنة|الشحنة]]. وتعتمد الفيزياء المنهج [[تجربة|التجريبي]]، أي أنها تحاول تفسير الظواهر الطبيعية والقوانين التي تحكم [[كون|الكون]] عن طريق [[نظرية|نظريات]] قابلة للاختبار.
<ref>
[[ريتشارد فاينمان]] فيR. P. Feynman, R. B. Leighton, M. Sands (1963), The Feynman Lectures on Physics, ISBN 
0-201-02116-1
</ref> 

تعتبر الفيزياء من أحد أقدم التّخصصات الأكاديمية، فهي قد بدأت بالبزوغ منذ [[العصور الوسطى]] وتميزت [[ثورة علمية|كعلم حديث]] في [[القرن السابع عشر]]، وباعتبار أن أحد فروعها، وهو [[علم الفلك]]، يعد من أعرق العلوم الكونية على الإطلاق.<ref>هناك دلائل على أن الحضارات القديمة، التي يرجع تاريخ نشأتها إلى 3000 سنة قبل الميلاد، في [[بلاد الرافدين]] و[[مصر القديمة]] و[[حضارة وادي السند|الهند]]، ووسط وجنوب أمريكا، كانت لديها القدرة على التنبؤ بظواهر فلكية مثل [[كسوف|الكسوف]] و[[خسوف|الخسوف]]، وكانت تمتلك المعارف الأساسية عن حركة الأجرام السّماوية كالكواكب والنجوم.</ref>

وللفيزياء مكانة متميزة في الفكر الإنساني، فهي تأثرت كما كان لها الأثر الحاسم في بعض الحقول المعرفية والعلمية الأخرى مثل [[فلسفة|الفلسفة]] و[[الرياضيات]] و[[علم الأحياء]]. ولقد تجسدت أغلب التّطورات التي أحدثتها بشكل عملي في عدّة قطاعات من [[التقنية]] و[[الطب]]. فعلى سبيل المثال، أدى التّقدم في فهم [[كهرومغناطيسية|الكهرومغناطيسية]] إلى الانتشار الواسع في استخدام الأجهزة الكهربائية مثل [[تلفاز|التلفاز]] و[[حاسوب|الحاسوب]]؛ وكذلك تطبيقات [[ديناميكا حرارية|الديناميكا الحرارية]] إلى التطور المذهل في مجال [[محرك|المحركات]] ووسائل النقل الحديثة؛ و[[ميكانيكا الكم|الميكانيكا الكمية]] إلى اختراع معدات مثل [[مجهر إلكتروني|المجهر الإلكتروني]]؛ كما كان [[عصر الذرة|لعصر الذرة]]، بجانب آثاره المدمرة، استعمالات هامة في علاج [[السرطان]] وتشخيص الأمراض و[[طاقة نووية|توليد الطاقة]].

معظم الفيزيائيين اليوم يكونون متخصصين في مجالين متكاملين وهما [[الفيزياء النظرية]] أو [[فيزياء تجريبية|الفيزياء التجريبية]]، وتهتم الأولى بصياغة النظريات باعتماد [[نموذج رياضي|نماذج رياضية]]، فيما تهتم الثانية بإجراء الاختبارات على تلك النظريات، بالإضافة إلى اكتشاف ظواهر طبيعية جديدة. وبالرغم من الكم الهائل من الاكتشافات المهمّة التي حققتها الفيزياء في القرون الأربعة الماضية، إلا أن العديد من المسائل لا تزال بدون حلول إلى حد الآن، <ref>ومنها على سبيل المثال، لغز [[مادة مظلمة|المادة المظلمة]]، ومسألة العلاقة بين تمدد الكون و[[ثابت كوني|طاقة الفراغ]].</ref> كما أن هناك مجالات نظرية وتطبيقية تشهد نشاطًا وأبحاثًا مكثّفة. 

هناك اعتقاد بأن "[[الفيزياء]] فرع من فروع [[الرياضيات]]" اعتقاد خاطئ تمامًا، لأن النماذج الرياضية تستعمل في علم [[الفيزياء]] فقط لتسهيل فهم الظواهر الفيزيائية والتعبير عنها في صورة معادلة رياضية كما في [[الفيزياء النظرية]]. وأن مضامين النماذج الرياضية في أي علم من العلوم الطبيعية لا يتدخل في شأنها علم [[الرياضيات]]، فالمعادلة الفيزيائية الرياضية هي لغة الفيزياء. فالفيزياء علم مستقل بذاته وله عدة فروع مثل الفيزياء الذرية، الفيزياء النووية، النسبية، البصريات، الصوتيات، الكهربية، المغناطيسية، الديناميكا الحرارية، الميكانيكا، الميكانيكا الكمية،...إلخ. وبالرغم من أن علم [[الفلك]] يقوم بدراسة الأجسام السماوية إلا أنه يعد أحد فروع الفيزياء. 

{{بوابة|فيزياء|Nuvola_apps_katomic.svg}}

== التاريخ ==
{{مقال تفصيلي|تاريخ الفيزياء}}

تطورت الفيزياء كما نعرفها اليوم، من سلسلة الملاحظات التي جمعتها الحضارات القديمة حول مختلف الظواهر الطّبيعية وخاصة منها الفلكية، والمتعلقة بالتقويم وتقدير الزمن، كحركة ال[[شمس|شّمس]] وأدوار [[قمر|القمر]] و[[أبراج|تشكيلات النجوم]]. وقد توصل [[الفلسفة اليونانية|الفلاسفة الإغريقيون]] إلى استنباط نظريات أولية لتفسير تلك الظواهر، وذلك باتباع منهج منطقي واستدلالي بحت في ما يسمى بالفلسفة الطّبيعية. وقد قدم [[أرسطو]] في كتابه "الفيزياء" (الطبيعيات) أول النظريات حول طبيعة الحركة والقوى. وقد ضلت هذه الأفكار، والتي تعرف بالفيزياء الأرسطوطاليسية، مهيمنة على التراث الفلسفي لعدة قرون. 

[[ملف:Hubble ultra deep field.jpg|تصغير|200بك|صورة للضوء الصادر من بقعة صغيرة من [[الكون]] المرئي، تظهر مجموعة من [[مجرة|المجرات]] يرجع عمرها لحوالي <math>13</math> بليون سنة خلت.]]

=== الفيزياء في الحضارة العربية والإسلامية ===
كان [[حضارة إسلامية|للحضارة العربية-الإسلامية]] دور رئيسي في بداية صياغة هذا علم الفيزياء (الذي كان يعرف عند العلماء المسلمين ب[[طبيعيات|الطبيعيات]]). فقد أنفذ ميراث الفلاسفة الإغريق من الضياع بترجمته إلى اللغة العربية ثم وقع إثرائه وتنقيحه وتصحيحه. فقد قدم العلماء المسلمون المحيطون بمعرفة الأولين من أمثال [[أرسطو]] و[[بطليموس]] (وغيرهم) نظرياتهم الخاصة وابتكارات عديدة في مجال علم الفلك، والبصريات، والميكانيكا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يعتبر [[ابن الهيثم]] رائد علم [[البصريات]] في كتابه [[المناظر]]. كما قدم [[البتاني]]  (858-929) تحسينات لحسابات بطليموس حول مدارات الشمس والقمر، ووضع [[ابن باجة]] (1095-1138) أولى قوانين الحركة ومفهوم [[السرعة]].  

==== بعض العلماء المسلمين وإسهاماتهم في الفيزياء ====

* [[الكندي]] (803-873) : [[البصريات]] و[[علم الفلك]] <ref>
Œuvres d'Al-Kindi, éd. Roshi Rashed. Leiden, Brill, 1997. ISBN 90-04-09781-3.
</ref>.
* [[عباس بن فرناس]] (810-887) : الميقاتية و[[ملاحة جوية|الطيران]]. 
* [[ثابت بن قرة]] (836-901) : تعريف [[حركة (فيزياء)|الحركة]] و[[الوزن]] و[[الجاذبية]] <ref>
Mohammed Abattouy (2001). "Greek Mechanics in Arabic Context: Thabit ibn Qurra, al-Isfizarı and the Arabic Traditions of Aristotelian and Euclidean Mechanics", Science in Context 14, p. 205-206. Cambridge University Press.
</ref>.   
* [[الفارابي]] (872-950) : [[علم الفلك]] وتجارب حول [[الصوت]] وطبيعة [[الفراغ]]<ref>
Arabic and Islamic Natural Philosophy and Natural Science, Stanford Encyclopedia of Philosophy
</ref>. 
* [[السيزجي]] (945-1020) : عاصر البيروني، قال بحركة الأرض حول الشّمس وقام بصناعة إسطرلاب معتمد على مركزية الشّمس<ref>
Suter, Heinrich: Die Mathematiker und Astronomen der Araber und ihre Werke (80-81, 224, 1900).
</ref>. 
* [[ابن الهيثم]] (965-1039) : إلى جانب أعماله في علم [[البصريات]] و[[الفلك]]. إكتشف قانون القصور الذاتي في [[علم الحركة]]<ref>Salam, Abdus (1984), "Islam and Science"، in Lai, C. H., ed. (1987), Ideals and Realities: Selected Essays of Abdus Salam (2nd ed.), World Scientific,</ref>.
* [[البيروني]] (973-1048) : وضع بعض المفاهيم الأساسية في علم الحركة مثل [[التسارع]] و[[الإحتكاك]] كما قام بتحديد الأوزان النوعية لعدّة مواد باعتماد التجربة<ref>
O'Connor, John J.; Robertson, Edmund F., "Abu Arrayhan Muhammad ibn Ahmad al-Biruni", MacTutor History of Mathematics archive.
</ref>. 
* [[الصوفي]] (986-903) : قام بالتعرف من خلال أرصاده الفلكية على [[المرأة المسلسلة (مجرة)|مجرة المرأة المسلسلة]] و[[سحابة مجلان]]<ref>
"Observatoire de Paris (Abd-al-Rahman Al Sufi)". http://messier.obspm.fr/xtra/Bios/alsufi.html. Retrieved on 2007-04-19.
</ref>.
* [[ابن سينا]] :   
* [[عمر الخيام]]  1044 
* [[ابن رشد]] 1128 
* [[الجزري]] 1206

=== الفيزياء الحديثة ===
بتأثير من جذوة العلوم العربية-الإسلامية، أدى تطور [[منهج علمي|المنهج العلمي]]، خلال [[القرن السابع عشر]]، إلى وضع أسس علم الفيزياء الحديث من قبل [[فرانسيس بيكون]] و[[غاليليو غاليلي]] و[[إسحاق نيوتن]] وفصله نهائيا عن الفلسفة. وقد تمكن هذا الأخير من تشكيل المبادئ الأساسية [[الميكانيكا الكلاسيكية|للميكانيكا الكلاسيكية]]، وهي تصف إلى حد الآن وبشكل جيد قوانين الحركة والقوى والطاقة، على مستوى حياتنا اليومية. وقد تحقق ذلك بفضل اكتشافه، مع [[غوتفريد لايبنتز]]، لأحد أهم أدوات [[فيزياء رياضية|الفيزياء الرياضية]] وهو [[تفاضل|الحساب التفاضلي]].

وفي [[القرن الثامن عشر]]، أثناء [[الثورة الصناعية]]، تطورت مفاهيم نقل الحرارة، وتبادل الطاقة، وعمل المحركات، وانتشرت مبادئ ما يعرف ب[[الديناميكا الحرارية]] وال[[ميكانيكا إحصائية|ميكانيكا الإحصائية]]. 

أما في [[القرن التاسع عشر]]، فاكتشفت القوانين الأساسية [[الكهرومغناطيسية|للكهرومغناطيسية]] والطّبيعة الموجية للضوء، وكذلك بنية المادة الذّرية وقوانين [[الإشعاع]]. 

ومع بدايات [[القرن العشرين]]، ظهرت صياغات نظرية جديدة أمام عجز الميكانيكا الكلاسيكية في تفسير بعض جوانب الضوء وديناميكا الجسيمات الذرية. وتوصل [[ألبرت أينشتاين]] إلى وضع نظرية [[نظرية النسبية|النسبية الخاصة]] التي تصف الأجسام المتحركة بسرعة تقارب [[سرعة الضوء]] وتأثيرات ذلك على المفاهيم البديهية للمكان والزمن، وبعد ذلك لنظرية [[نظرية النسبية العامة|النسبية العامة]]، التي تصف طبيعة قوة [[الجاذبية]] وعلاقتها بهندسة [[الزمكان]]. 

وفي جانب آخر إستطاعت [[ميكانيكا الكم|الميكانيكا الكمومية]] وصف سلوكات [[جسيم أولي|الجسيمات الأولية]] وال[[ذرة|ذرات]] و[[جزيء|الجزيئات]]، وفي هذا المقياس تختلف القوانين الفيزيائية عن تلك التي تخضع لها الأجسام ذات الأحجام العادية 
<ref name=phy1>أجسام في مقياس بشري (مثل كرة المضرب وناطحة السحاب) أو مقياس فلكي (مثل الكواكب والمجرات) أو مجهري (مثل البكتيريا وبعض الجزيئات العضوية).</ref>.

== النظريات الأساسية ==
=== الميكانيكا الكلاسيكية ===

{{مقال تفصيلي|الميكانيكا الكلاسيكية}}

[[ملف:Newtons cradle animation book.gif|تصغير|270بك|صورة لبندول نيوتن وهو نظام يوضح مفهوما أساسيا في الميكانيكا الكلاسيكية يتمثل في مبدئ حفظ [[زخم الحركة]] و[[طاقة|الطاقة]].]]

تصف الميكانيكا الكلاسيكية [[قوة|القوى]] التي تؤثر على حالة الأجسام المادية وحركتها. وغالبا ما يشار إليها باسم "المِيكانيكا النيُوتُنية" نسبة إلى [[إسحاق نيوتن]] وقوانينه في الحركة. تتفرع الميكانيكا الكلاسيكية إلى؛ [[علم السكون]] أو "الإستاتيكا" وهو يصف الأجسام ساكنة وشروط توازنها، و[[علم الحركة]] أو "الكينماتيكا" وهو يهتم بوصف حركة الأجسام دون النظر إلى مسبباتها، و[[علم التحريك]] أو "الديناميكا" الذي يدرس حركة الأجسام وماهية القوى المسببة لها. تقوم الميكانيكا الكلاسيكية بشكل أولي على افتراض أن الجسم المادي المراد دراسته يكون صلبًا وفي شكل نقطة <ref>أي أن الأبعاد بين النقاط المكونة للجسم لا تتغير مع الزمن.</ref>. وتتولى على صعيد آخر، [[ميكانيكا استمرارية|الميكانيكا الاستمرارية]] وصف المادة المتصلة والمستمرة مثل الأجسام الصلبة والسائلة والغازية، وهي تنقسم بدورها إلى قسمين؛ [[ميكانيكا المواد الصلبة]] و[[ميكانيكا الموائع]]. وتدرس ميكانيكا المواد الصلبة سلوك هذه الأجسام أمام عوامل عديدة مثل الضغط وتغير درجة الحرارة والتذبذب الخ. فيما تدرس ميكانيكا الموائع فيزيائية [[سائل|السوائل]] و[[غاز|الغازات]]، وهي تتناول مواضيع كثيرة منها توازن السوائل في [[الهيدروستاتيكا]]، وتدفقها في [[ديناميكا الموائع|الهيدروديناميكا]]، وحركة الغازات وانتشارها إلى جانب تأثيرها على السطوح والأجسام المتحركة في [[ديناميكا هوائية|الديناميكا الهوائية]]. 

أحد المفاهيم الهامة في الميكانيكا الكلاسيكية هي مبادئ حفظ [[زخم الحركة]] و[[طاقة|الطاقة]]، وقد دفع هذا الأمر إلى إعادة الصياغة الرياضية لقوانين نيوتن للحركة في [[ميكانيك لاغرانج|ميكانيكا لاجرانج]] و[[ميكانيك هاملتوني|ميكانيكا هاملتون]] باعتماد هذه المبدئ. وتقف الصياغتان ميكانيكا في وصف سلوك الأجسام على نفس المقدار من الدقة، ولكن بطريقة مستقلة عن منظومة القوى المسلطة عليها والتي تكون  بعض الأحيان غير عملية في تشكيل معادلات الحركة.

تعطينا الميكانيكا الكلاسيكية نتائج وتنبوات رقمية ذات دقة عالية، تتماشى مع المشاهدة، وذلك بنسبة لأنظمة ذات أبعاد عادية <ref name=phy1/> وضمن مجال سرعات تقل بكثير عن [[سرعة الضوء]]. أما عندما تكون الأجسام موضع الدراسة جسيمات أولية أو أن سرعتها عالية، تكاد تقارب من [[سرعة الضوء]]، فهنا تحل محل الميكانيكا الكلاسيكية تباعا [[ميكانيكا الكم|الميكانيكا الكمومية]] و[[الميكانيكا النسبية]]. ومع ذلك تجد الميكانيكا الكلاسيكية مجالا لتطبيقها في وصف سلوك أنظمة دقيقة، فعلى سبيل المثال في [[النظرية الحركية]] للغازات تسري القوانين التي تحكم حركة أجسام ذات حجم العادي على الجزيئات المكونة للغازات وهو ما يُمَكن من استنتاج خصائص عيانية مثل درجة الحرارة والضغط والحجم. وفي أنظمة عالية التعقيد يمكن فيها لتغييرات طفيفة أن تنتج آثارًا كبيرة (مثل [[الغلاف الجوي]] أو مسألة الأجسام الثلاثة) تصير قدرة معادلات الميكانيكا الكلاسيكية على التنبئ محدودة. وتختص بدراسة هذه الأنظمة، التي توصف بأنها لاخطية، [[نظرية الشواش]]. 

أوجدت قوانين الميكانيكا الكلاسيكية نظرة موحدة وشاملة لظواهر طبيعية قد تبدو ظاهريًا غير متصلة، مثل وقوع تفاحة من غصن شجرة أو دوران القمر حول الأرض. فعلى سبيل المثال؛ [[قوانين كبلر|قوانين كيبلر]] لحركة الكواكب، أو السرعة التي يجب أن يبلغها [[صاروخ]] للتحرر من حقل الجاذبية الأرضية ([[سرعة الإفلات]])، يمكن استنتاجهما رياضيًا من [[قانون نيوتن العام للجاذبية]]. وقد ساهمت هذه الفكرة ومفادها أن التوصل لقوانين كليّة يمكنها وصف الظواهر الكونية على اختلافها أمر ممكن، إلى بروز الميكانيكا الكلاسيكية كعنصر هام في الثورة العلمية وذلك خلال القرنين السابع والثامن عشر.

=== [[كهرطيسية|الكهرطيسية]] ===

{{مقال تفصيلي|الكهرطيسية}}

[[ملف:Lightnings sequence 2 animation.gif|تصغير|260بك|[[برق|البرق]] هو تفريغ كهربائي لشحنات ساكنة يحدث بين السحب في ما بينها أو مع الأرض ([[صاعقة|الصاعقة]]).]]

تدرس [[كهرطيسية|الكهرطيسية]] التفاعل الذي يتم بين الجسيمات المشحونة وبين [[حقل كهربائي|المجالات الكهربائية]] و[[حقل مغناطيسي|المجالات المغناطيسية]]. ويمكن تقسيم الكهرطيسية إلى؛ [[كهرباء ساكنة]] أو "إلكتروستاتيكا" وهي تدرس [[شحنة كهربية|الشحنات]] والحقول الكهربائية الساكنة، و[[ديناميكا كهربائية|الديناميكا الكهربائية]] أو "إلكتروديناميكا" وهو يصف التفاعل بين الشحنات المتحركة و[[موجة كهرومغناطيسية|الإشعاع الكهرطيسي]]. ومع أن المعرفة [[كهرباء|الكهرباء]] و[[مغنطيسية|المغنطيسية]] تطورت منذ القدم بشكل منفصل، فقد توصلت النظرية الكلاسيكية لل[[كهرطيسية]]، خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، إلى تحديد العلاقة بين الظاهرتين من خلال [[قانون لورنتز]] و[[معادلات ماكسويل]]. وتمكنت هذه الأخيرة من وصف الموجات الكهرومغناطيسية وفهم الطبيعة الموجية [[ضوء|للضوء]].   

تهتم الكهرباء الساكنة بدراسة الظواهر المرتبطة بالأجسام المشحونة في حالة السكون، والقوى التي تسلطها على بعضها البعض كما يصفها [[قانون كولوم]]. ويمكن تحليل سلوك هذه الأجسام من تجاذب أو تنافر من خلال معرفة [[قطبية|القطبية]] و[[حقل كهربائي|المجال الكهربائي]] المحيط بها، حيث يكون متناسبا مع مقدار الشحنة والأبعاد التي تفصلها. للكهرباء الساكنة عدة تطبيقات، بدءا من تحليل الظواهر الكهرطيسية مثل العواصف الرعدية إلى [[مكثف|المكثفات]] التي تستعمل [[الهندسة الكهربائية]]. 

وعندما تتحرك الأجسام المشحونة كهربائيًا في [[حقل كهرومغناطيسي]] فإنها تنتج مجالا مغناطيسيا يحيط بها فتختص الديناميكا الكهربائية بوصف الأثار التي تنتج عن ذلك من مغناطيسية وإشعاع الكهرومغناطيسي و[[حث كهرومغناطيسي]]. وتنضوي هذه المواضيع ضمن ما يعرف بالديناميكا الكهربائية الكلاسيكية، حيث تشرح [[معادلات ماكسويل]] هذه الظواهر بطريقة جيدة وعامة. وتفضي هذه النظريات إلى تطبيقات مهمة ومنها [[مولد كهربائي|المولدات الكهربائية]] و[[محرك كهربائي|المحركات الكهربائية]]. وفي العشرينيات من القرن العشرين، ظهرت نظرية [[ديناميكا كهربائية كمومية|الديناميكا الكهربائية الكمومية]] وهي تتضمن قوانين الميكانيكا الكمومية، وتصف التفاعل بين الإشعاع الكهرطيسي والمادة عن طريق تبادل [[فوتون|الفوتونات]]. وهناك صياغة [[نظرية النسبية|نسبية]] تقدم تصحيحات لحساب حركة الأجسام التي تسير بسرعات تقارب سرعة الضوء. تتدخل هذه الظواهر في [[معجل جسيمات|معجلات الجسيمات]] و[[أنبوب كهربائي|الأنابيب الكهربائية]] التي تحمل  [[فرق الكمون|فروق جهد]] وتيارات كهربائية عالية.

تعتبر القوى والظواهر الناجمة عن [[كهرطيسية|الكهرطيسية]] من أكثر الأمور المحسوسة في حياتنا اليومية بعد تلك التي تسببها [[جاذبية|الجاذبية]]. فعلى سبيل المثال، [[الضوء]] عبارة عن [[موجة كهرومغناطيسية]] مرئية تشع من جسيمات مَشحونة ومُعَجلة. وتجد مبادئ الكهرومغناطيسية إلى يومنا هذا العديد من التطبيقات التقنية والعلمية والطبية. وما الأجهزة الكهربائية مثل [[راديو|الراديو]]، و[[تلفاز|المرناة]]،  و[[هاتف|الهاتف]]، و[[قطار مغناطيسي معلق|القطارات المغناطيسية المعلقة]]، و[[ليف بصري|الألياف البصرية]]، و[[ليزر|أجهزة الليزر]] إلا بضع أمثلة عن هذه التطبيقات التي صنعت تقدمًا نوعيًا في تاريخ البشرية.

=== الديناميكا الحرارية والميكانيكا الإحصائية ===

{{مقال تفصيلي|الديناميكا الحرارية|الميكانيكا الإحصائية}}

[[ملف:Melting icecubes.gif|تصغير|150بك|لتحويل [[جرام]] من [[الثلج]]، درجة حرارته <math>-20</math> [[سيلزيوس|درجة مئوية]]، إلى ماء سائل، في ظروف [[الضغط]] العادية، نحتاج إلى طاقة مقدارها حوالي <math>83</math> [[سعرة حرارية]] (أي ما يعادل <math>350</math> [[جول]]).]]

تختص الديناميكا الحرارية أو "الترموديناميكا" بدراسة انتقال [[الطاقة]] وتحولها في النّظم الفيزيائية، والعلاقة بين [[الحرارة]] و[[شغل (فيزياء)|العمل]] و[[الضغط]] و[[الحجم]]. تقدم الديناميكا الحرارية الكلاسيكية وصفا عيانيا لهذه الظواهر دون الخوض في التفاصيل مجهرية الكامنة ورائها. فيما تخوض [[الميكانيكا الإحصائية]] في تحليل السلوك  المعقد للمكونات المجهرية (ذرات، جزيئات) وتستنج منها كَمِيًا الخصائص العيانية للنظام وذلك بواسطة طرق [[إحصاء|إحصائية]]. وضعت أسس الديناميكا الحرارية خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، وذلك نتيجة للحاجة الملحة في زيادة كفاءة [[محرك بخاري|المحركات البخارية]].

يتأسس فهم ديناميكية الطاقة والمتغيرات في نظام معين على أربعة مبادئ أساسية تسمى [[قوانين الترموديناميك|قوانين الديناميكا الحرارية]]. وتعمل [[معادلة الحالة|معادلات الحالة]] على تحديد العلاقة بين نوعين من متغيرات العيانية التي تعرف حالة الأنظمة؛ متغيرات الامتداد مثل [[الكتلة]] والحجم والحرارة، ومتغيرات الشدّة مثل [[كثافة|الكثافة]] ودرجة الحرارة والضغط و[[كمون كيميائي|الكمون الكيميائي]]. ويمكن من خلال قياس هذه المتغيرات التعرف إلى حالة التوازن أو التحول التلقائي في النظام.

[[ملف:Triple expansion engine animation.gif|تصغير|يمين|300بك|نظام التحريك الحراري المثالي - تنتقل الحرارة من ساخنة (غلاية) إلى باردة (مكثّف) و'''ينتج عنها عمل''']]

ينص [[القانون الأول للترموديناميك|القانون الأول للديناميكا الحرارية]] على مبدئ حفظ الطاقة، وذلك بأن التغير في [[طاقة داخلية|الطاقة الداخلية]]  لنظام مغلق وساكن، يساوي كمية الطاقة المتبادلة مع الوسط الخارجي على شكل حرارة أو عمل. فيما ينص [[القانون الثاني للترموديناميك|القانون الثاني]] على أن الحرارة لا يمكنها المرور بطريقة تلقائية من جسم ذي درجة حرارة منخفضة إلى آخر ذي درجة حرارة مرتفعة بدون الإتيان بعمل. وذلك يعني أنه من غير الممكن الحصول على عمل دون أن تفقد منه كمية على شكل الحرارة. وتوصل لهذين القانونين الفيزيائي الفرنسي [[سادي كارنو]] في بداية القرن التاسع عشر. وفي سنة [[1865]]، أدخل الفيزيائي الألماني [[رودلف کلاوزیوس]] دالة [[إعتلاج|الإعتلاج]]، ومن خلالها يصاغ القانون الثاني على أن "التحول التلقائي في نظام معين لا يمكن أن يتحقق بدون أن ترتفع هذه القيمة فيه وفيما حوله". يُعبر [[إعتلاج|الإعتلاج]]، من وجهة نظر عيانية، على عدم إمكانية تسخير كل الطاقة في نظام ما للقيام بعمل ميكانيكي. وتصفها الميكانيكا الإحصائية على أنها قياس لحالة الفوضى للمكونات المجهرية للنظام من ذرات وجزيئات.

تتكتسي الديناميكا الحرارية أهمية كبرى في العديد من المجالات؛ في [[الكيمياء]] و[[الهندسة الكيميائية]] و[[علم الأحياء]] وإنتاج الطاقة والتبريد. فعلى سبيل المثال، يمكن للديناميكا الحرارية تفسير الأسباب التي تجعل بعض [[تفاعل كيميائي|التفاعلات الكيميائية]] تتم من تلقاء نفسها، فيما لا يمكن ذلك للبعض الآخر.

=== النسبية ===

{{مقال تفصيلي|نظرية النسبية الخاصة|نظرية النسبية العامة}}

[[ملف:Cassini-science-br.jpg|تصغير|200بك|أحد أدق الاختبارات التي أجريت على [[نظرية النسبية العامة]] كانت من قبل المسبار الفضائي [[كاسيني-هايجنس]]، في [[10 أكتوبر]] [[2003]]: شعاع [[راديو|الراديو]] (باللون الأخضر) الذي أرسل من الأرض نحو المسبار وقع تأخيره، تحت تأثير الاحناء الذي أحدثته جاذبية الشّمس في بنية [[الزمكان]] (باللون الأزرق)، وذلك بالمعدل الذي تنبأت به النظرية.<ref>
[http://saturn.jpl.nasa.gov/news/press-releases-03/20031002-pr-a.cfm موقع ناسا يصف التجربة]
{{وصلة إنجليزية}}
</ref>
.]]
[[نظرية النسبية]] هي بنية رياضية أكثر عمومية من تلك التي تأسست عليها [[الميكانيكا الكلاسيكية]]، وتصف حركة الأجسام بسرعات تقارب سرعة [[الضوء]]، أو أنظمة ذات [[كتلة|كُتلٍ]] هائلة، وتشتمل على شقين هما نظرية النسبية الخاصة ونظرية النسبية العامة <ref>
[[ألبرت أينشتاين]] ([[1920]])، [http://en.wikisource.org/wiki/Relativity:_The_Special_and_General_Theory Relativity: The Special and General Theory]، [[ويكي مصدر]]. {{وصلة إنجليزية}}
</ref>.   

اقترح نظرية النسبية الخاصة الفيزيائي الألماني [[ألبرت أينشتاين]]، سنة [[1905]]، في ورقة بحثية شهيرة بعنوان "حول الديناميكا الكهربائية للأجسام المتحركة" <ref>
[[ألبرت أينشتاين]] ([[1905]])، 
[http://www.physik.uni-augsburg.de/annalen/history/papers/1905_17_891-921.pdf Zur Elektrodynamik bewegter Körper]، في
Annalen der Physik 17:891-921. 
{{PDFlink}}
{{وصلة ألمانية}}
</ref> بناء على المساهمات الهامة [[هندريك أنتون لورنتس|لهندريك لورنتس]] و[[هنري بوانكاريه]]. ويتطرق هذا المقال إلى أن نظرية النسبية الخاصة تجد حلا لعدم الإتساق بين [[معادلات ماكسويل]] والميكانيكا الكلاسيكية. وتقوم النظرية على مسلمتين هما؛ (1) أن [[قانون فيزيائي|القوانين الفيزيائية]] لا تتغير بتغير 
[[إطار مرجعي عطالي|الإطار المرجعي العطالي]] للنظم
<ref>
هذه المسلمة "Postulate" في الحقيقة تعميم لنسبية [[غاليليو غاليلي]]، فعلى سبيل المثال شخص يركب عربة معزولة عن العالم الخارجي بإحكام، ومتحركة بسرعة ثابتة، لا يمكنه إجراء أي تجربة تمكنه من معرفة سرعته المطلقة، وإلا فإن العربة تصير إطارا مرجعيا مطلقا وهو أمر غير ممكن حسب هذه المسلمة. (أنظر [[العطالة|مبدىء العطالة]] و[[إطار مرجعي غاليلي]]). 
</ref>،  (2) وأن [[سرعة الضوء]] في الفراغ هي مقدار ثابت وغير متصل بحركة مصدر الضوء أو بالمشاهد. الدمج بين هاتين المسلمتين يقود إلى افتراض علاقة بين أمرين منفصلين في الميكانيكا الكلاسيكية، وهما المكان والزمان ويجمع بينهما في بنية تسمى [[الزمكان]] <ref>
[http://en.wikibooks.org/wiki/Special_Relativity/Principle_of_Relativity Special Relativity/Principle of Relativity]، [[ويكي الكتب]]. {{وصلة إنجليزية}}
</ref>.  

إحدى التدعيات الهامة للنسبية الخاصة، والتي تبدو مخالفة للبديهة وإن كانت أثبتتها عدة تجارب، هي انعدام مكان أو زمان مطلق، أي منفصل عن الإطار المرجعي للمشاهد (ومن هنا يأتي مصطلح النسبية). وهذا يعني أن [[الكتلة]] و[[حجم|الأبعاد]] و[[الزمن]] تتغير بتغير سرعة الجسم، وذلك ملائمةً لثبات سرعة الضوء. قد تكون هذه الظواهر غير محسوسة بمجال السرعات في حياتنا اليومية وتبقى بذلك قوانين نيوتن سارية، ولكنها تصير ذات تأثير لا يستهان به عندما ترتفع السرعة وتقارب سرعة الضوء <ref>
[http://en.wikibooks.org/wiki/Special_Relativity/Simultaneity%2C_time_dilation_and_length_contraction Special Relativity/Simultaneity, time dilation and length contraction]، [[ويكي الكتب]]. {{وصلة إنجليزية}}
</ref>.  

ومن أهم النتائج الأخرى [[تكافؤ المادة والطاقة|مبدئ التكافئ بين المادة والطاقة]]، وهو أمر تعبر عنه بشكل بليغ أحد أشهر [[معادلة|المعادلات]] الفيزيائية: <center>
<span style="font-size: 120%; font-family: 'Arial'">'''''E = m c <sup>2</sup>'''''</span>
</center>
حيث E هي [[الطاقة]]، و m هي [[الكتلة]]، و c هي [[سرعة الضوء]] في الفراغ (2 فوق سرعة الضوء تعني أن الطاقة تتناسب مع [[أس|مربع]] هذه السرعة). بعبارة أخرى تُنبئنا هذه الصيغة الرياضية أن لكل جسم ذي كتلةٍ طاقةٌ مرتبطة به، والعكس بالعكس.

النسبية العامة هي نظرية ذات طابع هندسي، توصل إليها ألبرت أينشتاين بشكل منفرد ونشرها في [[1915|15]]\[[1916]]، وذلك بأنه قام بتوحيد النسبية الخاصة و[[قانون نيوتن العام للجاذبية]]. تنص هذه النظرية على أن [[الجاذبية]] يمكن وصفها على أنها إنحناء في بنية [[الزمكان]] تسببه الكتلة أو الطاقة. على الصعيد الرياضي، تتميز النسبية العامة عن غيرها من النظريات الحديثة التي تصف الجاذبية بأنها تستعمل [[معادلات أينشتاين للمجال]] لوصف محتوى الزمكان من مادة أو طاقة وأثر ذلك على انحنائه. وتعتمد في ذلك بشكل أساسي على [[موتر|مُوَتر]] الإجهاد - الطاقة <ref>
"Stress-energy tensor".
</ref>، وهو كائن هندسي يصف عبر مكوناته عدة كميات فيزيائية مثل [[الكثافة]]، و[[تدفق|التدفق]]، و[[الطاقة]]، و[[الزخم]]، و[[الزمكان]]. ويمكن القول بطريقة مبسطة، أن موتر الإجهاد - الطاقة هو سبب وجود مجال تثاقلي في زمكان معين وذلك بشكل أعم من ما تفعله الكتلة وحدها في قانون نيوتن الكلاسيكي للجاذبية <ref>
ستيفان فاينر ([[2002]])، [http://people.hofstra.edu/Stefan_waner/diff_geom/Sec12.html Lecture12: The Stress Tensor and the Relativistic Stress-Energy  Tensor]، في [http://people.hofstra.edu/Stefan_waner/diff_geom/tc.html Introduction to Differential Geometry and General Relativity]. 
{{وصلة إنجليزية}}
</ref>.

من أول المشاهدات التي أكدت على صحة نظرية النسبية العامة، هو تمكنها من احتساب [[أوج (فلك)|أوج]] [[بدارية]] كوكب [[عطارد]] الشاذة، بدقة فشلت في تحقيقها المكانيكا الكلاسيكية. وفي سنة [[1919]]، قام الفلكي الإنجليزي [[آرثر ستانلي إيدينجتون]] بمشاهدة انزياح ضوء [[النجوم]] القريبة من قرص [[الشمس]] خلال [[الكسوف]]، ليأكد تنبؤ النسبية العامة بإنحناء الضوء تحت تأثير مجال تثاقلي تحدثه أجسام فائقة الكتلة. وفي وقت لاحق بدأت تتراءى العديد من التداعيات لهذه النظرية في [[علم الكون]] والتي أكدت بعضها المشاهدات، ولكنها لا تزال موضع جدال، ومنها تنبؤ حلول معادلات أينشتاين [[الإنفجار العظيم|بالإنفجار العظيم]]، و[[توسع الكون]]، و[[ثابت كوني|طاقة الفراغ]]، و[[ثقب أسود|الثقوب السوداء]].

=== الميكانيكا الكمومية ===

{{مقال تفصيلي|ميكانيكا الكم}}

[[ملف:EffetTunnel.gif|تصغير|200بك|محاكاة رقمية [[مفعول النفق|لمفعول النفق]] الكمومي. البقعة المضيئة في اليسار تمثل حزمة موجية [[إلكترون|لإلكترون]] تقوم بالإنعكاس على حاجز طاقة. لاحظ إلى اليمين انتقال بقعة قاتمة، وهذا هو الجزء اليسير من الحزمة الموجية التي إستطاعت الانفاق من خلال حاجز تحجر تخطيه مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية. ويستعمل هذا المفعول في مجهر المسح النفقي الذي يقوم بتصوير سطوح المواد على المستوى الذري كما تبين الصورة (في الأسفل) إعادة تكوين صورة الذرات على سطح ورقة من [[الذهب]].
[[ملف:Atomic resolution Au100.JPG|تصغير|120بك|center]]
]]

تتعامل الميكانيكا الكمومية مع نظم ذات أحجام ذرية أو تحت الذرية؛ مثل [[جزيء|الجزيئات]] و[[ذرة|الذرات]] و[[إلكترون|الإلكترونات]] و[[بروتون|البروتونات]] وغيرها من [[جسيم أولي|الجسيمات الأولية]]. وقد أدت بعض الصعوبات التي واجهت الميكانيكا الكلاسيكية في أواخر القرن التاسع عشر، مثل إشكالية إشعاع [[جسم أسود|الجسم الأسود]] واستقرار الإلكترونات على مداراتها، إلى التفكير بأن جميع أشكال [[الطاقة]] تتنقل على شكل حزم متقطعة غير قابلة للتجزئة، وتسمى كُمُومَات أو "كوانتوم". وقد قام بتشكيل هذا المفهوم، الفيزيائي الألماني [[ماكس بلانك]] سنة [[1900]]، وقدم من خلاله ألبرت أينشتاين تفسيرًا [[مفعول كهرضوئي|للمفعول الكهروضوئي]] والذي يتبين من خلاله بأن الموجات الكهرومغناطيسية تتصرف في بعض الأحيان بطريقة تشبه تصرف الجسيمات.

وضعت مبادئ الميكانيكا الكمومية خلال العشرينات من القرن الماضي، من قبل مجموعة متميزة من الفيزيائيين. في سنة [[1924]]، توصل [[لويس دي بروليه]] إلى إدراك أن الأجسام أيضا يمكنها أن تتصرف على أنها موجات، وهو ما يعبر عنه [[مثنوية موجة-جسيم|بمثنوية الموجة والجسيم]]. وقدمت على خلفية ذلك صياغتان رياضيتان مختلفتان وهما؛ [[معادلة شرودنغر|الميكانيكا الموجية]] التي وضعها [[إرفين شرودنغر]] وهي تنطوي على استخدام كائن رياضي يسمى [[دالة الموجة]]، يصف احتمال وجود جسيم في بقعة ما من الفضاء - و[[ميكانيكا المصفوفات]] التي أنشأها [[فيرنر هايزنبرغ]] و[[ماكس بورن]]، وهي تصف الجسيمات على أنها [[مصفوفة|مصفوفات]] تتغير مع الزمن. ومع أن هذه الأخيرة لا تشير إلى دالة موجة أو مفاهيم مماثلة، إلا أنها تتوافق مع معادلة شرودنغر ومع الملاحظات التجريبية. 

وقد شكل [[مبدأ عدم التأكد|مبدأ عدم اليقين]] الذي صاغه هايزنبرغ في سنة [[1927]] أحد أهم مبادئ الميكانيكا الكمومية، وهو ينص على محدودية قدرتنا في قياس خاصيتين معينتين لجسيم ما في نفس الوقت وبدرجة عالية من الدّقة. ويضع هذا حدًا لمبدأ [[حتمية|الحتمية]] المطلقة الذي يشير إلى إمكانية التنبؤ بشكل دقيق بحالة نظام انطلاقا من حالته السابقة، حيث أن الظواهر الكمومية لا يمكن تفسيرها إلا بطريقة [[احتمال|إحتمالية]]. وقد أدى هذا الأمر إلى جدال علمي كبير دار بين أعظم فيزيائيي القرن العشرين، بما فيهم ألبرت أينشتاين الذي عارض هذا [[تفسير كوبنهاجن|التفسير الاحتمالي]] بالرغم من إسهاماته الهامة في تأسيس الميكانيكا الكمومية.      

وفي سنة [[1928]]، قام الفيزيائي البريطاني [[بول ديراك]] بوضع الميكانيكا الكمومية بصيغتيها الموجية والخطية (المصفوفات) ضمن صياغة أشمل في إطار نظرية [[النسبية الخاصة]]. وقد تنبأت صياغته بوجود [[مادة مضادة|الجسيمات المضادة]]. وتم تأكيد هذا الأمر تجريبيا سنة [[1932]]، باكتشاف مضاد الإلكترون أو [[بوزيترون|البوزيترون]].

لاقت للميكانيكا الكمومية نجاحاً كبيرًا في تفسير العديد من الظواهر مثل [[الليزر]] و[[شبه موصل|شبه الموصلات]]، وقد نجمت عنها تطبيقات تقنية مهمة، على غرار [[صمام ثنائي|الصمام الثنائي]] و[[الترانزستور]]، التي تعتبر حجر الأساس في [[إلكترونيات|الإكترونيات]] الحديثة. وفي [[كيمياء|الكيمياء]]، يعتمد جزء كبير من فهم ديناميكا وبنية [[جزيء|الجزيئات]]، والطريقة التي تتفاعل بها، وتكوين [[رابطة كيميائية|الروابط الكيميائية]] على [[دالة الموجة]]. كما تعتمد  [[كيمياء حاسوبية|الكيمياء الحاسوبية]] على النظريات الكمومية في أدائها الرياضاتي، لتحليل ومحاكات نتائج التجارب الكيميائية. أما في [[علم الأحياء]]، فقد تمكنت الميكانيكا الكمومية من تفسير الآلية التي يحدث بها تحويل الطاقة خلال [[تمثيل ضوئى|التمثيل الضوئي]] في [[نبات|النباتات]] وبعض صنوف [[البكتيريا]] 
<ref>
روزان سونسيون ([[2007]])، [http://www.nature.com/nature/journal/v446/n7137/full/446740a.html Biophysics: Quantum path to photosynthesis]، [[مجلة نيتشر]] (446, 740-741). {{وصلة إنجليزية}}
</ref>. وكذلك عملية [[عين|الإبصار]] لدى [[الحيوانات]]. ويعمل الباحثون في الوقت الحاضر على العديد من التطبيقات الأخرى المستقبلية في [[المعلوماتية]]، مثل [[ترميز الكمومي|الترميز الكمومي]] و[[حاسوب كمومي|الحاسوب الكمومي]].

== انظر أيضا ==

{{ويكي الكتب|الفيزياء العامة}}
{{ويكاموس|فِيزِيَاء}}

* [[فيزياء رياضية]]
* [[فلسفة الفيزياء]]
* [[ظاهرة فيزيائية]]
* [[فيزيائي]]
* [[أشهر الفيزيائيين|قائمة بأشهر الفيزيائيين]]
* [[منهج علمي]]

== توضيحات ومراجع ==
{{ثبت المراجع}}
{{علوم طبيعية}}
{{فروع الفيزياء}}

[[تصنيف:علوم طبيعية]]
[[تصنيف:فيزياء|*]]

{{وصلة مقالة جيدة|es}}
{{وصلة مقالة جيدة|fi}}
{{وصلة مقالة جيدة|uk}}
{{وصلة مقالة مختارة|id}}

[[af:Fisika]]
[[als:Physik]]
[[am:የተፈጥሮ ሕግጋት ጥናት]]
[[an:Fesica]]
[[arc:ܦܝܣܝܟ]]
[[arz:فيزيا]]
[[as:পদাৰ্থবিজ্ঞান]]
[[ast:Física]]
[[az:Fizika]]
[[ba:Физика]]
[[bar:Physik]]
[[bat-smg:Fizėka]]
[[be:Фізіка]]
[[be-x-old:Фізыка]]
[[bg:Физика]]
[[bn:পদার্থবিজ্ঞান]]
[[bo:དངོས་ཁམས་རིག་པ།]]
[[br:Fizik]]
[[bs:Fizika]]
[[bug:Fisika]]
[[ca:Física]]
[[ceb:Pisika]]
[[ckb:فیزیک]]
[[co:Fisica]]
[[cs:Fyzika]]
[[csb:Fizyka]]
[[cv:Физика]]
[[cy:Ffiseg]]
[[da:Fysik]]
[[de:Physik]]
[[diq:Fizik]]
[[dv:ފީޒިޔާއީ އިލްމު]]
[[el:Φυσική]]
[[en:Physics]]
[[eo:Fiziko]]
[[es:Física]]
[[et:Füüsika]]
[[eu:Fisika]]
[[ext:Física]]
[[fa:فیزیک]]
[[fi:Fysiikka]]
[[fiu-vro:Füüsiga]]
[[fo:Alisfrøði]]
[[fr:Physique]]
[[frr:Füsiik]]
[[fur:Fisiche]]
[[fy:Natuerkunde]]
[[ga:Fisic]]
[[gan:物理學]]
[[gd:Eòlas-nàdair]]
[[gl:Física]]
[[gu:ભૌતિક શાસ્ત્ર]]
[[gv:Fishag]]
[[hak:Vu̍t-lí-ho̍k]]
[[haw:Kālaikūlohea]]
[[he:פיזיקה]]
[[hi:भौतिक शास्त्र]]
[[hr:Fizika]]
[[hsb:Fyzika]]
[[ht:Fizik]]
[[hu:Fizika]]
[[hy:Ֆիզիկա]]
[[ia:Physica]]
[[id:Fisika]]
[[ie:Fisica]]
[[ig:Physics]]
[[io:Fiziko]]
[[is:Eðlisfræði]]
[[it:Fisica]]
[[iu:ᐆᒫᑦᓱᓕᕆᓂᖅ/umatsuliriniq]]
[[ja:物理学]]
[[jbo:termu'eske]]
[[jv:Fisika]]
[[ka:ფიზიკა]]
[[kg:Fizika]]
[[kk:Физика]]
[[kl:Uumaatsulerineq]]
[[km:រូបវិទ្យា]]
[[kn:ಭೌತಶಾಸ್ತ್ರ]]
[[ko:물리학]]
[[ks:فیزیک]]
[[ku:Fizîk]]
[[ky:Физика]]
[[la:Physica]]
[[lad:Fisika]]
[[lb:Physik]]
[[li:Natuurkunde]]
[[lmo:Fisica]]
[[ln:Fízíkí]]
[[lo:ວັດຖຸວິທະຍາ]]
[[lt:Fizika]]
[[lv:Fizika]]
[[map-bms:Fisika]]
[[mdf:Физиксь]]
[[mg:Fizika]]
[[mk:Физика]]
[[ml:ഭൗതികശാസ്ത്രം]]
[[mn:Физик]]
[[mr:भौतिकशास्त्र]]
[[ms:Fizik]]
[[mwl:Física]]
[[my:ရူပဗေဒ]]
[[mzn:فیزیک]]
[[nah:Iuhcāyōtl]]
[[nap:Físeca]]
[[nds:Physik]]
[[nds-nl:Netuurkunde]]
[[ne:भौतिकशास्त्र]]
[[nl:Natuurkunde]]
[[nn:Fysikk]]
[[no:Fysikk]]
[[nov:Fisike]]
[[nrm:Phŷsique]]
[[oc:Fisica]]
[[os:Физикæ]]
[[pam:Physics]]
[[pcd:Fisike]]
[[pih:Fisiks]]
[[pl:Fizyka]]
[[pms:Fìsica]]
[[pnb:فزکس]]
[[ps:فېزيک]]
[[pt:Física]]
[[qu:Pachaykamay]]
[[ro:Fizică]]
[[roa-rup:Fisikilj]]
[[ru:Физика]]
[[sa:भौतिकशास्त्रम्]]
[[sah:Физика]]
[[sc:Fìsica]]
[[scn:Fìsica]]
[[sco:Naitural philosophy]]
[[sh:Fizika]]
[[si:භෞතිකවේදය]]
[[simple:Physics]]
[[sk:Fyzika]]
[[sl:Fizika]]
[[sm:Fisiki]]
[[so:Fiisigis]]
[[sq:Fizika]]
[[sr:Физика]]
[[srn:Sabi fu natru]]
[[st:Fisiksi]]
[[stq:Physik]]
[[su:Fisika]]
[[sv:Fysik]]
[[sw:Fizikia]]
[[szl:Fizyka]]
[[ta:இயற்பியல்]]
[[te:భౌతిక శాస్త్రము]]
[[tg:Физика]]
[[th:ฟิสิกส์]]
[[tk:Fizika]]
[[tl:Pisika]]
[[tr:Fizik]]
[[tt:Fizika]]
[[ug:ڧىزىكا]]
[[uk:Фізика]]
[[ur:طبیعیات]]
[[uz:Fizika]]
[[vec:Fìxica]]
[[vi:Vật lý học]]
[[vo:Füsüd]]
[[war:Fisika]]
[[wo:Jëmm]]
[[wuu:物理学]]
[[xal:Бодьзүлһн]]
[[xh:IFiziki]]
[[yi:פיזיק]]
[[yo:Físíksì]]
[[zea:Natuurkunde]]
[[zh:物理学]]
[[zh-classical:物理]]
[[zh-min-nan:Bu̍t-lí-ha̍k]]
[[zh-yue:物理]]