سرطان القولون والمستقيم
يعتبر سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر سبب للوفيات بالسرطان بعد سرطان الرئة عند الرجال، وسرطان الثدي عند النساء. وتزداد نسبة ظهور المرض بعد سن الخمسين.
بداية سرطان القولون والمستقيم
عادة يبدأ في شكل كتلة صغيرة تدعى "المرجل" أو "بوليب" بالانجليزية، التي لا تصاحبها أية اعراض اطلاقاً حتى تصل لحجم كبير كالليمونة مثلاً وتنزف. وفي بعض المراجل، وليس جميعها، قد يتعرض المرجل لتغيرات بنيوية ينتج منها تكاثر غير منضبط في داخلها فتتسرطن خلال خمس الى عشر سنوات.
وإذا زاد عمر المريض عن 50 سنة، وكان يعيش في بريطانيا، فلديه نسبة تبلغ نحو 15 في المئة أن تحمل هذه المراجل في القولون، ونحو خمسة في المئة من خطر الاصابة بسرطان القولون أو المستقيم مستقبلاً.
انتشار المرض في العالم العربي
للأسف لا توجد إحصاءات دقيقة عن مدى انتشار، أو نوعية سرطان القولون والمستقيم في الدول العربية، لكن تبين في دراسة سعودية، أن أكثر المرضى هناك شُخصوا في اعمار مبكرة ومراحل متقدمة من المرض، بالمقارنة مع سكان الدول الغربية. وهذه النتائج الأولية تتطابق أيضاً مع بعض الدراسات الأخيرة لسرطان القولون والمستقيم في مصر وفلسطين. وربما تدل هذه الدراسات المحدودة على نمط مختلف لسرطان القولون أو المستقيم عند العرب. ووفقا لآخر تقرير من السجل الوطني للسرطان في المملكة العربية السعودية، فقد احتل سرطان القولون والمستقيم المرتبة الرابعة من بين جميع حالات السرطان في كل من الذكور والإناث. وهناك أيضاً إحصاءات من إيران تبيّن أن حالات سرطان جهاز الهضم هناك، بشكل عام، هي الأكثر شيوعاً عند الذكور والثانية بعد سرطان الثدي لدى النساء.
احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم
إن كل إنسان بالغ معرض لخطر الإصابة بهذا المرض. لكن نسبة الإحتمال تتأثر بعوامل عدة منها :
- إن كان في سن 50 أو أكبر، وبخاصة إن كان لديه سجل عائلي من هذا السرطان أو سرطانات أخرى .
- وجود قريب له أو أكثر مصاب، أو أصيب به، كالأبوين أو الأشقاء ...الخ .
- وجود قصة طويلة للإصابة بمرض التهابات القولون التقرحي، أو التهاب القولون الحبيبي (داء كرون).
وبالإضافة لعاملي العمر والوراثة هناك بعض العوامل المساعدة، التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وهي البدانة والوجبات الغذائية الغنية بالدهون والقليلة بالألياف. وأحد تلك الأمثلة هي ان سرطان القولون، الذي كان نادراً للغاية في اليابان، ولكن مع اتجاه اليابانيين لتغييرغذائهم، ازدادت معدلات الإصابة بسرطان القولون لديهم .
الأعراض
تكمن خطورة هذا المرض في أنه يبدأ عادة من دون أية أعراض على الإطلاق. لكن قد تكون هناك إشارات تحذيرية مثل :
- وجود دم في البراز (أحمر أو غامق جدا). ولحسن الحظ أن أكثر أسباب وجود الدم في البراز لا يدل على وجود السرطان.
- تغيير في طبيعة التبرز وشكله بعد سن الخمسين، هي إشارة مهمة تتطلب اجراء تنظير للقولون.
- آلام خفيفة، أحياناً، في اسفل البطن.
- الإحساس بزيارة الحمام المتكررة.
وعموماً كلما اجتمع أكثر من عرض من هذه الأعراض، كلما زاد احتمال الاصابة، وتوجب الفحص العاجل.
تجنب الإصابة بسرطان القولون
نعم، والى حد كبير، إن التزم الانسان بالمقترحات الطبية الحديثة، من اجل الوقاية والإستقصاء المبكر. ويجرى هذا النوع من الفحوصات في الدول المتقدمة للأشخاص في سن 50 سنة فما فوق، وهو عمر الخطر النسبي لهذا المرض. وهناك أنواع متعددة من الفحوصات المبكرة هدفها اكتشاف سرطان القولون والمستقيم في مراحله المبكرة وقبل انتشاره، وإعطاؤه فرصة لكشف "المراجل" واستئصالها قبل أن تتسرطن.
والوقاية هي طبعاً خير من العلاج، ولكن قد تكون أيضاً جزءاً من العلاج، وذلك عن طريق المسح الوقائي للمرض. وهنا يعني إجراء فحوصات للأشخاص فوق سن الخمسين (الأصحاء الذين ليس عندهم أعراض) بهدف تشخيصه في مرحلة مبكرة وقابلة للشفاء. وفي بريطانيا وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة بهذا المرض، إلا أن معدلات الوفيات منه انخفضت بسبب التشخيص المبكر للمرض وتحسن الطرق العلاجية له. وهناك شبه اتفاق عام في الممارسة بين أميركا وأوروبا في هذا المجال. وبإختصار يتضمن المسح الوقائي واحداً من هذه الوسائل، بحسب توافرها وكلفتها:
- الخيار الأول:
إجراء فحص للدم الخفي في البراز مرة كل خمس سنوات مع تنظير المستقيم في الوقت نفسه.
- الخيار الثاني:
إجراء فحص سنوي (أو كل سنتين) للبراز بحثاً عن الدم الخفي وإجراء تنظير شامل للقولون إن كان الفحص ايجابياً. وقد أثبتت دراسات علمية أجريت على أكثر من مليون شخص في أميركا وأوروبا، أن إجراء فحص سنوي للبراز وتنظير القولون، في حال ايجابيته، ينقص عدد الوفيات بسرطانات الأمعاء بحوالي 20 في المئة. وذكرت التقارير الأخيرة أن 50 في المئة فقط من سكان اميركا في عمر أكبر من 50 سنة، دخلوا في نظام التشخيص الوقائي، وتسعى الدولة إلى رفعه. وفي بريطانيا تقدم الخدمة الصحية الوطنية هذا الفحص مرة كل سنتين للمواطنين، الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و 69 سنة. وآخر المعلومات تؤكد فاعليته في كشف المرض باكراً، لكن لوحظ أن نسبة تجاوب الشعب البريطاني معه تختلف حسب العرق والجنس، فهي جيدة مثلا، لدى نحو 58 في المئة لدى الإنكليز الأصليين، ومنخفضة لدى 22 في المئة من الباكستانيين المقيمين في بريطانيا. وهذا يظهر للمرة الأولى أهمية العادات والتقاليد لتقبل نظام التحري والفحص في المسح الوقائي. وأعتقد العائق قد يكون الخجل والهروب من فحص تنظير القولون. وقد بدأت الخدمة الصحية الوطنية بالنظر إلى حل هذه المشكلة.
- الخيار الثالث:
وهو إجراء تنظير للقولون كل عشر سنوات في عمر 50 سنة فما فوق. وهناك نقطة مهمة وهي أن أقارب المصابين بهذا المرض يجب إجراء المسح لديهم في سن أصغر (أنقص بعشر سنوات من عمر الشخص المصاب). فلو كان عمر أبن عمك المصاب به هو 50 سنة، فأنصحك أن تفحص نفسك في عمر 40 سنة، لأن المرض بطيء النمو، كما ذكرت سابقاً.
- الخيار الرابع:
الفحص بالباريوم الظليل للقولون، الذي لم يعد مفضلاً اليوم لقلة حساسيته.
- الخيار الخامس Virtual Colonoscopy:
تنظير القولون الظاهري، وهو تطور حديث وذكي للتصوير الطبقي المحوري (المرنان) يسمح بإجراء فحص للقولون بالتصوير ومن دون منظار. وهو فحص بسيط وسهل وسريع ودقيق جداً وشائع الاستعمال في أميركا وبريطانيا ومتوفر بسهولة. وهذا يغير نظرتنا إلى نظام التشخيص الوقائي خلال السنوات المقبلة.
وفي كل الأحوال أنصح مراجعة الطبيب لمناقشة أفضل وأنسب هذه الفحوصات لحالة الانسان الصحية وعمره وقصته العائلية، وتبعاً لتوفر وكلفة التقنيات الطبية في المنطقة التي يعيش فيها. والجمع بين الخيارين الخامس والرابع قد يكون عملياً أكثر في مجتمعاتنا العربية في الوقت الحاضر.