تدبير الصداع النصفي المزمن
د. بشير الجمال |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
تدبير الصداع المزمن Management of chronic headaches
مقدمة وتعريف
يعرف الصداع المزمن بمعدل حدوثه لأكثر من 15 يوم خلال شهر واحد، يقدر معدل انتشار الصداع المزمن بمقدار 4%-5% من السكان.
يقسم الصداع المزمن إلى عدة مجموعات ويتم التصنيف بشكل أساسي كما يلي:
- الصداع التوتري المزمن.
- صداع الشقيقة المزمن.
إن علاج الصداع المزمن يختلف بشكل كبير بين حالة وأخرى، فهناك العديد من الطرق الدوائية وغير الدوائية لمساعدة المرضى للتعامل مع الصداع المزمن، وذلك لأن الصداع المزمن غير قابل للشفاء بشكل كامل. سواء كان العلاج دوائي أو غير دوائي فإن الخطة العلاجية تبنى على أسس شخصية (يختلف من مريض إلى آخر).
العديد من الدراسات توصي بالمعالجة متعددة الطرق، كالدمج بين العلاجات الدوائية وغير الدوائية. هناك العديد من العلاجات ما تزال محل جدل وتخضع للاختبارات لإثبات فعاليتها. المعالجات المقترحة حاليا تتضمن: الأدوية المسكنة، المعالجة الفيزيائية، العلاج بالإبر، تمارين الاسترخاء، بالإضافة إلى الحمية الصحية والعلاج النفسي والعلاج السلوكي.
العلاجات الدوائية
مسكنات الألم
أشيع العلاجات للتعامل مع الصداع بشكل عام هو تناول المسكنات. حيث أن العديد من الأشخاص يلجأون لمسكنات الألم للتخلص من الصداع، من هذه الأدوية الأسبرين والأسيتامينوفين (السيتامول) والأيبوبرفين والمسكنات الأفيونية.
ولكن وجد أن الاستخدام المزمن لهذه الأدوية قد يسبب أخطار أكبر من الفوائد. هناك مجموعة أخرى من الأدوية التي من الممكن أن توقف الصداع بعد بدئه مثل الإيرغوتامين و التربتانات والبردنيزون. غير أن الأخصائين في الصداع المزمن يعتقدون أن الإفراط في تناول المسكنات قد يسبب زيادة الصداع على عكس المرجو منها. حيث أن المسكنات تساعد في تدبير الصداع لفتره مؤقتة وما أن يزول تأثير الدواء حتى يعود الصداع مرة أخرى و بشدة أكبر. وهذا الصداع المعاود يجعل الجسم أقل تأثراً بالأدوية المسكنة مما يسبب سوء الحالة تدريجياً. وبالتالي فإن الأدوية المسكنة بشكل عام ليست جيدة في التعامل مع الصداع المعاود أو المزمن وإنما في تدبير الصداع غير المزمن أو قليل التواتر.
الأدوية الوقائية
وهي أشيع العلاجات المستخدمة في تدبير الصداع المزمن (اليومي)، فهي أدوية تستخدم لمنع حدوث الصداع بالدرجة الأولى. ومثل هذه الأدوية تؤخذ بشكل يومي وذلك بمعزل عن حدوث الصداع (حيث أن المريض يستمر في تناول الدواء حتى لو لم يعاني من هجمة صداع)، يوصى باستخدام الأدوية الوقائية في تدبير الصداع المزمن وذلك استناداً على العديد من الدراسات والتجارب التي أثبت أن هذه الأدوية تنقص من تواتر الصداع و شدته والإعاقة عن العمل المرتبطة بالصداع اليومي. معظم الادوية الوقائية من الصداع تعمل على تثبيط أو تحفيز نواقل عصبة معينة في الدماغ وغالباً تمنع الدماغ من ترجمة الإشارات الألمية.
تشمل الأدوية الوقائية الغابابانتين (نيرونتين)، تيزانايد (زانافليكس)، فلوكسيتين (بروزاك)، أميتربتيلين (إيلافيل)، توبيراميد (توباماكس). حيث وجد بالإختبارات أن الغابابنتين ينقص عدد أيام الصداع بمقدار 9.1% بالشهر. والتيزانيدين وجد أنه ينقص من معدل التكرار للصداع في الأسبوع و من شدته ومن مدة الهجمة الواحدة. كما أن الفلوكسيتين يعطي نتائج جيدة خصوصاً بمايتعلق بمزاج المريض وزيادة عدد الأيام الخالية من الصداع. وبالرغم من أن الأميتربتيلين يرتبط بعلاج الاكتئاب فقد وجد أنه فعال في علاج الصداع اليومي والعديد من حالات الألم المزمن بالإضافة لتحسين المزاج والنوم(والذين يعدان من أسباب الصداع المزمن). هناك دراسة خلصت أن التوبيرامايد قادر على خفض معاودة الصداع الشهري (حتى 28 يوم بالشهر) بشكل جيد. هناك دواء أخر لمنع الصداع هو سم البوشتلينيوم نوع A (البوتوكس) الذي يعطي بشكل حقن وليس بالطريق الفموي حيث وجد في إحدى الدراسات السريرية لمرضى خلال مدة علاج 9 أشهر أن نسبة معاودة الصداع لديهم انخفضت بنسبة 50%. إن جميع الأدوية السابقة يمكن أن تحسن ألم الصداع ولكن الأطباء يوصون باستخدام عدة أنواع من العلاجات.
العلاجات غير الدوائية
العلاج الفيزيائي
بالإضافة للأدوية، فإن المعالجة الفيزيائية هي علاج يحسن من شدة الصداع المزمن، فيقوم المريض بمساعدة المعالج المختص بتحديد وتغير العادات الفيزيائية والظروف التي تؤثر في الصداع. فإن المعالجة الفيزيائية للصداع المزمن اليومي تركز على الجزء العلوي من الجسم الذي يتضمن القسم العلوي من الظهر والرقبة والرأس. يقوم المختص بتحديد وتحسين وضعيات الجسم التي من الممكن أن تفاقم الصداع. يقوم المختص في جلسات العيادة بمعالجات ميكانيكية معينة مثل المساج والتمطيط وتحريك المفاصل للتخلص من التشنج العضلي.
من الطرق الأخرى لتخفيف التشنج: الأكياس الساخنة والأكياس المثلجة والتنبيه الكهربائي. كما يقوم المختص بتدريب المريض على تمارين معينة للقيام بها في المنزل مثل تمطيط العضلات. فلكي يكون للمعالجة الفيزيائية تأثير في علاج الصداع المزمن على المريض أن يكون متعاوناً ومتبعاً للتعليمات الصحية مثل تغير نمط الحياة التي من الممكن أن تساعده في تخفيف الصداع.
العلاج بالإبر
وهي من طرق المعالجة غير الدوائية ولا تتطلب القيام بالتمارين المنزلية. ومن الهام أن يتم تطبيقها على يد معالج خبير ومختص يقوم بانتقاء أماكن معينة في الجسم لإدخال الإبر. وأماكن هذه الإبر تختلف من شخص لآخر. الدراسات التي أجريت في جامعة كارولينا الشمالية التي قامت بدراسة مقارنة بين المعالجة بالأدوية فقط و بين المشاركة بين الأدوية والإبر كانت النتائج أن المشاركة أدت إلى ضبط أفضل للصداع. دراسة أخرى أجريت في المانيا وجد أن 52.6% من المرضى انخفض لديهم معدل تكرار الصداع.
تمارين الاسترخاء
هي إحدى المعالجات غير الدوائية للصداع المزمن، حيث أن تمارين الاسترخاء تساعد على إنقاص الضغط الداخلي الأمر الذي يسمح للمريض بالتحكم بالصداع المسبب بالضغط والشدة. طرائق الاسترخاء المختلفة يتم تعليمها للمريض عبر مختصين، تعمل تمارين الاسترخاء على جعل المرضى بتوافق مع أجسامهم مما يسمح لهم بتوقع الحاجة لإنقاص الضغط قبل بداية حدوث الصداع.
تشمل تمارين الاسترخاء على طرق ذهنية و فيزيائية:
- الطرق الفيزيائية
تتضمن حركات معينة للجسم تساعد على الاسترخاء مثل: شد مجموعة عضلات بشكل إرادي وإرخائها عدة مرات وهذه الطريقة تسمى إرخاء العضلات التدريجي. وهناك مثال آخر على تمارين الاسترخاء الفيزيائية وهو التنفس العميق.
- الطرق الذهنية
تمارين الاسترخاء قد تتضمن طرق ذهنية للسيطرة على التوتر، إحدى هذه الطرق تسمى (التركيز التصوري) التركيز التصوري يتضمن التركيز على أجزاء مسترخية من الجسم ومن ثم التركيز على العضلات على المتوترة وتصور هذه المناطق المتوترة على أنها بدأت بالاسترخاء، هناك طريقة أخرى تعتمد على التركيز على كامل الجسم وليس على مناطق محددة فقط وتسمى (التصور العميق) وفيها يتصور المريض التوتر على شكل متر (طول من الأعلى للأسفل) ويعمل على خفض هذه التوتر بشكل ذهني. كما أن التأمل في بيئة هادئة يعتقد بأنه يمنع الصداع، حيث أن التأمل يشمل تكرار مقطع لفظي (صوت معين) أو التمعن في النظر إلى أداة للمساعدة على التركيز.
1- تغير الحمية الغذائية:
العديد من الأطباء يطلب تغير الحمية الغذائية في سياق معالجة الصداع المزمن. ولكن العديد من المرضى لا يتفهمون العلاقة بين الطعام و الشراب كأسباب للصداع وذلك بسبب عدم وجود علاقة واضحة بين تناول طعام معين و ظهور الصداع (تناول الطعام معين لا يؤدي دوما للصداع). ولكن العديد من المواد الكيميائية الموجودة في الطعام قد تسبب الصداع المزمن، مثل الكافيئين والغلوتامات أحادية الصوديوم، النترات، التايرامين، والكحول. ينصح المرضى الذين يعانون من صداع مزمن بتجنب بعض الأطعمة والمشروبات مثل: المشروبات الحاوية على الكافيئين والشوكولا واللحوم المعدلة والجبن و البقوليات المخمرة والكحول بالإضافة لبعض الخضراوات والفواكه. بالإضافة إلى أن تعديل الحمية يتبع المريض بشكل شخصي فليست كل الأطعمة تؤثر على الأشخاص بنفس الطريقة.
2- العلاج السلوكي والعلاج النفسي: يهدف إلى تحديد و معالجة مصادر الشدة المتكررة التي تسبب الصداع المزمن، وهو متكامل مع تمارين الاسترخاء.
المصدر
https://en.wikipedia.org/wiki/Management_of_chronic_headaches