لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية
د. جاد الله السيد محمود |
المساهمة الرئيسية في هذا المقال |
لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية Primary central nervous system lymphoma
وتسمى أيضًا بعدة أسماء أخرى، منها: ساركومة الخلايا الشبكية، ولمفوما المنسجات المنتشرة، وكذلك الورم الدبقي. ويرمز لها بـ PCNSL اختصارًا لاسمها. وتعكس كثرة أسمائها الحيرة التي كانت تحيط بخلايا منشأ المرض.
تُعرف الآن لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية بأنَّها ورم لاهودجكن لخلايا بيتا خارج عقدي بمرحلة متقدمة، عادةً من نمط الخلايا الكبيرة أو أرومات مناعية. ينشأ المرض في الدماغ أو السحايا الرقيقة أو في الحبل الشوكي أو العيون؛ وينحصر على نحو نموذجي في الجهاز العصبي المركزي، ونادرًا ما يكون خارجه. لذلك يصنف من المرحلة الثانية.
سابقًا كان نادرًا، ويحسب لـ 2% من الأورام المخية.
رغم أنَّ خلايا الأصل هي خلايا لمفاوية، إلا أنَّه يُعد ورمًا دماغيًا، ذلك أنَّ التحديات العلاجية تشابه تلك للأورام الدماغية. وعلى وجه الخصوص لأن إيصال الدواء للورم يتعطل بسبب الحاجز الدموي الدماغي، كما أنَّ السمية المخية تحد من استخدام كثيرٍ من الأدوية المتوافرة.
معظم لمفومات الجهاز العصبي المركزي البدئية (90% تقريبًا) هي لمفومات خلايا بائية ضخمة منتشرة (DLBCLs)؛ أما الـ 10% المتبقية فهي لمفومات بدرجة منخفضة صعبة التمييز ولمفومات بوركيت ولمفومات خلايا تائية.
قد تنتج الأعراض البدئية عن التأثير الكتلي الموضعي للورم، نتيجة زيادة الضغط داخل القحف من الإصابة العينية أو من الترسبات البؤرية على الجذور القحفية أو الأعصاب الشوكية.
السببيات
تتكون لمفومات الخلايا البائية الضخمة المنتشرة من أرومات مناعية أو من أرومات مركزية لها ميل للأوعية الدموية. حيث تشاهد عناقيد لمفاوية حول الأوعية المخية الصغيرة. كما يشاهد ارتشاح لخلايا تائية نشطة بدرجات متاوتة.
ترتبط الإصابة عند مرضى الإيدز بعدوى فيروس إبشتين بار.
عوامل الخطورة
عند المرضى المؤهلين مناعيًا
لا تُعرف عوامل خطورة عندهم. لكن يكون المرض أكثر شيوعًا عند الرجال (بنسبة الضعف)، وعند المسنين.
عند المرضى منقوصي المناعة
تعد طبيعة الكبت المناعي وشدته ومدته عوامل هامة في تحديد خطر الإصابة بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية.
المرضى المصابون بالإيدز الذين لديهم انخفاض كبير في تعداد CD4+ هم تحت الخطر الأكبر. عمليًا تتعلق جميع لمفومات لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية في المرضى المصابين بالإيدز بالإصابة بفيروس إبشتن بار. لكن تقل هذه العلاقة عند المرضى غير المصابين بالإيدز.
عامل الخطر ذو الأهمية الأكبر في الإصابة بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية المتعلق بعدوى فيروس نقص المناعة المكتسب هو تعاطي المخدرات الوريدية.
الوبائيات
زادت نسبة الإصابة بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية على نحوٍ مطرد منذ نهاية القرن العشرين. ونسبة حصوله عند المرضى المؤهلين مناعيًا هي 51 حالة من كل 10 مليون شخص سنويًا.
سجلت نسبة 6-20% عند المرضى المصابين بعدوى فيروس نقص المناعة المكتسب. ويزداد احتمال الإصابة بزيادة انخفاض عدد كريات CD4+.
الأعراض
- العرض الأكثر نموذجية للمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية عند المرضى المؤهلين مناعيًا، هي أعراض بؤرية تقدمية، تشير للإصابة بآفة كتلية.
- قد يصاب المريض بنوبات. وفي بعض الأحيان يمكن أن تقود التغيرات في الحالة العقلية للتشخيص.
- من المرجح أكثر أن يظهر على المرضى المصابين بالإيدز اعتلال دماغي، مقارنة مع باقي المرضى المصابين بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية. ويتعلق ذلك بالنمط متعدد البؤر المنتشر المشاهد في مسوحات التصوير بالرنين المغناطيسي.
- من الشائع ظهور الإصابة بعداوات متكررة عند المريض.
- قد يصاب المريض بورم سحائي أو ورم عيني، وذلك في غياب أيٍ من الشذوذات البؤرية في الرنين المغناطيسي. ومثل هؤلاء المرضى يظهر في تاريخهم المرضي الأعراض التالية:
- رؤية مشوشة.
- صداع.
- خلل في وظيفة الأعصاب القحفية: دوار وشفع (ازدواج الرؤية) وعسر بلع وفقدان الرؤية أحادي العين.
- حالات من إصابة جذور الأعصاب الشوكية: ألم، مشاكل في المثانة، مشاكل في الأمعاء. قد تختفي الآفات لفترة من الزمن تصل لعدة أشهر حتى سنة أو أكثر.
يمكن أن يسبب إعطاء القشرانيات السكرية هدأة طويلة الأمد للأعراض السريرية والشعاعية، لكن يمكن أن تحدث الهدأة تلقائيًا أيضًا.
- تعد الإصابة بالخرف المترقي بدون وجود أي علامات بؤرية أمرًا شائعًا عند مرضى الإيدز المصابين بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية.
- اللمفوما المنتشرة الخبيثة داخل الوعائية (تكاثر النسيج البطاني الوعائي الورمي): هي سلسلة من الأحداث البؤرية الشبيهة بالسكتة.
- الورام اللمفي العصبي: وهي متلازمة لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية الوحيدة التي تشمل كلًا من الجهاز العصبي المركزي والمحيطي.
- تُشاهد لمفوما مخية مع آفات بؤرية كتلية، بالإضافة لآفات كتلية بؤرية محيطة، وارتشاحات عند أعصاب أخرى.
التشخيص
- يطلب من المرضى المؤهلين مناعيًا الذين يشير التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي للإصابة بلمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية الإجراءات التالية:
- إيقاف استخدام القشرانيات السكرية: ذلك أنَّ استخدامها قد يعيق التشخيص.
- تصوير الصدر: وذلك لاستبعاد النقائل.
- تعداد دم كامل.
- فحص الإصابة بفيروس عوز المناعة المكتسب.
- فحص المصباح الشقي للمفومات الزجاجية.
- بزل قطني: وذلك لرؤية الخلايا ومعدلات الغلوكوز والبروتين وسيتولوجية السائل الدماغي الشوكي.
- يُطلب الآتي عند المرضى المصابين بفيروس عوز المناعة المكتسب أو المرضى منقوصي المناعة الذين يشير التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي للإصابة ب لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية:
- تجنب القشرانايت السكرية.
- تصوير الصدر.
- الفحص المصلي للمقوسات الغوندية.
- فحص المصباح الشقي للمفومات الزجاجية.
- بزل قطني: وذلك لرؤية الخلايا ومعدلات الغلوكوز والبروتين وسيتولوجية السائل الدماغي الشوكي.
يُظهر تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي عند مرضى لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية آفات منخفضة الكثافة. تكون الآفات متعددة البؤر عند المرضى المصابين بالإيدز. بينما تكون نسبتها 25% عند المرضى المؤهلين مناعيًا.
يجب إجراء التصوير المقطعي المحوسب للصدر والبطن، وذلك أنَّ نسبة ضئيلة من المرضى المؤهلين مناعيًا المصابين بهذا الداء لديهم مصدر خارج دماغي للعدوى، وأكثر المناطق شيوعًا هي الثدي والبطن. ولذلك بعد تأكيد الإصابة يُجرى هذا التصوير.
- مسح SPECT:
هو التصوير المقطعي المحوسب بإصدار وحيد الفوتون من عنصر التاليوم 201. وهو مناسب للمرضى المصابين بالإيدز، ذلك أنَّه يساعد على التمييز بين عملية العدوى و لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية.
قد يصاب المرضى المصابين بالإيدز بآفة كييسة حلقية معززة بدلًا من الشذوذات التعزيزية المتجانسة عند المرضى المؤهلين مناعيًا. ووجود آفات حلقية معززة وحيدة أو متعددة عند المرضى المصابين بالإيدز يزيد الشكوك بالإصابة بالمقوسات أو النوكاردية النجمية أو الإصابة بالسفلس الدماغي.
- اختبارات أخرى:
اختبارت وظيفة الكبد: لأنَّ الركن الأساسي في العلاج عند كثير من المرضى هو استخدام جرعات عالية من دواء الميثوتريكسات، ما يستلزم تقييم وظيفة الكبد. وتشمل الاختبارت البيلوروبين المصلي (الكلي والمباشر) وناقلات أمين الأسبارتات، وناقلات أمين الآلانين، والفوسفاتاز القلوية.
تصفية الكرياتينين، بعد جمع عينة بول لمدة 24 ساعة: يجب أن يمتلك المرضى المستخدمين لدواء الميثوتريكسات وظيفة ارتشاح كبيبي أعلى من 100 مل/دقيقة. ذلك أنَّ التصفية الكلوية غير المناسبة تعزز سمية الميثوتريكسات.
- خزعة الدماغ:
تعد خزعة الدماغ ذات التوضيع التجسيمي الطريقة الأكثر ملائمة لتشخيص لمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية. لكن خزعة الدماغ المفتوح قد تكون ضرورية عند المرضى المصابين بآفات تقع في مناطق الدماغ التي من الصعب الوصول لها (مثل جذع الدماغ).
العلاج
هدف العلاج هو استئصال الآفات الكتلية، والارتشاحات المجهرية في الدماغ والحبل الشوكي والسحايا الرقيقة والجسم الزجاجي. ويؤدي العلاج الناجح عند المرضى المؤهلين مناعيًا إلى نجاة تحتاج بالمتوسط إلى 44 شهرًا. ويجب أن يصمم العلاج للمريض بحيث يضاعف الفعالية لأقصى درجة ممكنة، مع تقليل السمية على المادة البيضاء المخية لأقل درجة ممكنة.
الميثوتريكسات
يعد دواء الميثوتريكسات هو الدواء الوحيد الفعال في المعالجة الكيماوية للمفوما الجهاز العصبي المركزي البدئية.
البدء بالعلاج الكيماوي بدون العلاج الشعاعي يعطي نتائج ممتازة، ويجنب السمية المترافقة مع استخدام مزيج العلاجين.
القشرانيات السكرية
يجب أن يتجنب المريض القشرانيات السكرية أثناء فترة التشخيص لإعاقتها للتشخيص، حيث لها تأثير مباشر مضاد للورم على لمفوما الخلايا البائية، وتسبب نقصًا شديدًا في شذوذات الرنين المغناطيسي. وكذلك في فترة العلاج، حيث أنَّ إصلاح الحاجز الدموي الدماغي ينقص من توصيل الميثوتريكسات إلى البرانشيم الدماغي. إلا أنَّ استخدامها يمكن أن يحسن من جودة حياة المريض بإنقاص الأعراض الناتجة عن الوذمة الوعائية أو التأثير الكتلي للورم؛ فتوصف حينها بأقل جرعة فعالة ممكنة.
علاجات كيميائية أخرى
- Cytarabine.
- Thiotepa.
العلاج العيني
- استئصال الزجاجية.
- العلاج الشعاعي ذو طول الموجة الخارجي.
علاجات إضافية
- أدوية الصرع: فقط في حالة إصابة المريض بالنوبات.
- مضادات الإقياء: لعلاج الإقياء الناتج عن استخدام أدوية العلاج الكيميائي.