مضادات الذهان
مضادات الذهان antipsychotic drugs تعرف الأدوية المضادة للذهان أيضاً باسم "المهدئات العصبية" وهي تقوم بتهدئة المريض دون التأثير في الوعي أو إحداث إثارة معاكسة. تستخدم هذه الأدوية لفترة قصيرة لتهدئة المرضى مهما كان السبب الإمراضي النفسي المستبطن (حالة فصام، أذية دماغية، حالة هوس، هذيان سمي، أو اكتئاب هياجي)، كما تستخدم لفترة قصيرة لتخفيف القلق الشديد.
تقوم مضادات الذهان في الحالات الفصامية بتخفيف الأعراض الذهانية المزهرة florid psychotic symptoms كاضطرابات التفكير، والهلوسات، والأوهام، والوقاية من نكسها، وعادةً ما يستجيب مرضى الفصام الحاد لهذه الأدوية بشكل أفضل من المرضى ذوي الأعراض المزمنة، وقد تكون هذه الأدوية أقل فعالية لدى المرضى المنعزلين وغير المبالين، إلا أنها تملك في بعض الأحيان تأثيراً منشطاً، إذ يمكن للهالوبيريدول haloperidol مثلاً أن يحسّن حالة مريض مصاب بفصام حاد مرّ بفترة انعزال أو بفترة صمت وانعدام حركة ويعيده إلى وضعه الطبيعي كإنسان نشيط يسلك سلوكاً اجتماعياً سوياً.
قد تكون المعالجة طويلة الأمد لدى مرضى الفصام المشخص ضرورية حتى بعد النوبة الأولى من المرض لمنع تحول الحالة المرضية الظاهرة إلى حالة مزمنة.
يجب أن يتم سحب الدواء المضاد للذهان بصورة تدريجية وتحت المراقبة الدقيقة لتفادي خطر النكس السريع أو حدوث متلازمات السحب الحادة.
الأدوية المستخدمة
- الكلوربرومازين chlorpromazine: لا يزال هذا الدواء واسع الانتشار بالرغم من الطيف الواسع لآثاره الجانبية. يمارس الدواء تأثيراً مهدئاً واضحاً، وهو مناسب لمعالجة المرضى العنيفين دون إحداث حالة من الذهول، ويمكن للدواء أن يسيطر على حالة الهياج لدى كبار السن دون إحداث أي مشاكل. يفيد الدواء أيضاً في السيطرة على الفواق المعند والغثيان والقياء في العلل الانتهائية في حال فشل الأدوية الأخرى أو عدم توفرها.
- البيموزيد pimozide: أقل إحداثاً للتهدئة من الكلوربرومازين، وينصح بإجراء تخطيط كهربية القلب قبل البدء باستخدامه وتكرار إجراء هذا التخطيط سنوياً، ويجب إعادة تقييم الحاجة للمعالجة في حال تطاول فترة QT. يوصى بأن يتم سحب الدواء أو إنقاص جرعته بإشراف الطبيب، وبتجنب إعطاء البيموزيد مع الأدوية الأخرى التي تطيل زمن QT مثل بعض مضادات الملاريا ومضادات اضطراب النظم وبعض مضادات الهيستامين، وتجنب إعطائه مع الأدوية التي تؤدي إلى خلل التوازن الشاردي (بشكل خاص المدرات).
- السولبيريد sulpiride: يسيطر الدواء بالجرعات العالية على الأعراض المزهرة الإيجابية، ولكنه بالجرعات المنخفضة يملك تأثيراً منبهاً لدى المرضى الفصاميين المنعزلين اللامبالين.
- الفلوفينازين fluphenazine والهالوبيريدول haloperidol: يتمتعان أيضاً بأهمية علاجية، غير أن الأعراض الجانبية خارج الهرمية تحد من استعمالهما. قد يفضل استخدام الهالوبيريدول للسيطرة السريعة على حالة الذهان مفرط النشاط، وهو أقل إحداثاً لانخفاض الضغط من الكلوربرومازين، ويستخدم بشكل شائع للسيطرة على الهياج لدى المسنين، على الرغم من ارتفاع نسبة حوادث آثاره الجانبية خارج الهرمية، ويستخدم أيضاً للسيطرة على الفواق المعند والعرّات tics.
- الثيوريدازين thioridazine: يعد هذا الدواء خياراً من المرتبة الثانية في علاج الفصام لدى البالغين.
الأعراض خارج الهرمية لمضادات الذهان
تعد الأعراض خارج الهرمية extrapyramidal symptoms أكثر الآثار الجانبية لمضادات الذهان إثارةً للقلق وهي تحدث بشكل متواتر لدى استخدام الهالوبيريدول haloperidol والمشتقات الفينوتيازينية (كالكلوربرومازين chlorpromazine، والفلوفينازين fluphenazine)، ويكون من السهل تمييز هذه الأعراض ولكن لا يمكن توقعها بشكل دقيق لأنها تعتمد على الجرعة، ونوع الدواء المستخدم، وعلى استعداد المريض. تتضمن الأعراض خارج الهرمية:
- أعراض الباركنسونية (بما فيها الرعاش): تظهر بشكل أكثر شيوعاً لدى البالغين والمسنين، وقد تظهر بصورة تدريجية.
- خلل التوتر dystonia وخلل الحركة dyskinesia: تظهر بشكل أكثر شيوعاً لدى الأطفال أو البالغين الشباب وبعد إعطاء جرعات صغيرة.
- تعذر الجلوس akathisia (التململ restlessness): يظهر بشكل مميز بعد الجرعات البدئية الكبيرة، وقد يشابه اشتداد الحالة المعالجة.
- عسر الحركة الآجل tardive dyskinesia (حركات لا إرادية منتظمة للوجه والفك واللسان): يتطور عادةً في المعالجة طويلة الأمد أو لدى استعمال الدواء بجرعات عالية، ولكن يمكن أن يتطور في المعالجة قصيرة الأمد بجرعات منخفضة، وقد يظهر لفترة قصيرة بعد سحب الدواء المضاد للذهان.
تزول أعراض الباركنسونية بسحب الدواء، وتفيد الأدوية المضادة للمسكارين (البنزهكزول benzhexol، البروسيكليدين procyclidine) في تثبيط هذه الأعراض، ولكن لا يوجد ما يبرر استخدامها بشكل روتيني لأن أعراض الباركنسونية لا تظهر لدى جميع المرضى المعالجين بمضادات الذهان، ولأن هذه الأدوية قد تؤدي إلى ترقي عسر الحركة الآجل.
يعد عسر الحركة الآجل بصورة خاصة إحدى المشاكل المقلقة، فقد يكون هذا العرض غير قابل للتراجع لدى سحب المعالجة، وتكون معالجته غير فعالة عادةً، مع ذلك يقترح بعض المصنِّعين أن سحب الدواء لدى ظهور العلامات الأولى لعسر الحركة الآجل (حركة اللسان الدودية الخفيفة) قد يوقف التطور الكامل للحالة. يظهر عسر الحركة الآجل بصورة شائعة خاصةً لدى المرضى المسنين، لذا يجب أن تتم معالجتهم بعناية ويجب مراقبة هذه المعالجة بصورة منتظمة.
يعد انخفاض ضغط الدم والتداخل مع تنظيم حرارة الجسم من الآثار الجانبية المرتبطة بالجرعة، وقد تسبب حالات خطرة من الوهط وانخفاض الحرارة أو ارتفاع الحرارة لدى المسنين.
تتظاهر المتلازمة الخبيثة للدواء المضاد للذهان neuroleptic malignant syndrome بارتفاع الحرارة، وتقلبات في سويات الوعي، وتيبس عضلي، وخلل في وظيفة الجملة العصبية المستقلة مع شحوب، وتسرع قلب، وتقلقل ضغط دم، وتعرق، وسلس بولي، وهي من الآثار الجانبية النادرة ولكنها قد تكون مميتة لدى استخدام بعض الأدوية، ويستوجب ظهورها إيقاف المعالجة بسبب عدم وجود معالجة فعالة مثبتة لها.